الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

عبود سعاده مواطن فذ من امة عظيمة بقلم حضرة الزعيم

عـبـود ســعـاده
مـواطـن فـذ مـن امـة عـظـيـمـة


في كتابه " تجربة فخري معلوف " اورد الرفيق جان داية تلك المقدمة لسعاده في فترة اغترابه القسري في الأرجنتين عن المواطن عبود سعاده، وفيها اضاءة على الاصالة التي يتمتع بها شعبنا السوري، كما العصامية التي تجلى بها المواطن الصديق.

عبود سـعاده هو أحد العصاميين القلائل من مغتربي السـوريين الذين يستحقون أن تُذكر صفاتهم وأعمالهم وتدّون في سجل القيم الثابت للمواهب السامية المتنوعة للأمة السورية التي ننادي بأهليتها لإحتلال مركز ممتاز بين الأمم الحية المتمدنة.
ولد عبود سـعاده في قرية " قارة " الواقعة على منتصف الطريق تقريبـاً بين دمشـق وحمص . وربي في أعمال مطحنة كان يديرها والده. ولم يكن من حظه أن يدخل مدرسـة ويتعلم فظل أمياً وتزوج باكراً . وهاجر وهو بعد في شـرخ شـبابه فجاء الارجنتين وتعاطى أنواعاً من التجارة . وبعد أن تقلب بين السـعد والنحـس نجح وأنشـأ متجراً هاماً في مدينة " كردبة " واشـترى أملاكاً كثيرة . ثم انقلبت الايام وخسـر في الارض والعقار وخرج صفر اليدين تقريبا . ولكنه كان في خروجه شـهماً وبرهن عن متانة أخلاق وعلو مناقب فدفع لجميع دائنيه وأوفى كل ما كان عليه . وسـاعدته متانة أخلاقه على الابتداء من جديد . فتعرّض لأشـغال شـاقة خطرة كالتجارة بالدواب مع بوليفيا . فكان يسـافر الايام الطويلة ركوباً وسـيراً على الاقدام لابلاغ القافلة محجتها في وقتها . وأقدم بقوة جنانه على بعض العمليات التجارية التي تحتاج جرأة وصحة نظر فنجح وكوّن راس مال جديداً وعاود الاهتمام بمتجر جديد فتحه في مدينة كردبة . ونشـأ انجاله وأكبرهم الرفيق خليل سـعاده ثم توفيق ثم رفيق وصاروا رجالاً يعتمد عليهم فتعاونوا معه واطّرد نجاحه بحسـن عملهم واتسـعت تجارته من جديد واضاف انجاله الصناعة الى التجارة .

وسـط هذه المعارك الشـديدة لم يغفل السـيد عبود سـعاده عن طلب العلم . فتعلم الأبجدية العربية واخذ يقرأ أخبار الصحف والمقالات ، وتدرّج إلى قراءة الكتب وشـغف بتوسـيع معارفه فقرأ بعض التواريخ التي اتفق وقوعها في يده وبعض الروايات والمجلات المفيدة حتى صار يعدّ بين المتنوّرين المطلعين في المسـائل التاريخية والاجتماعية والسـياسـية . وظهرت منه عناية خاصة بقضايا الوطن الاجتماعية والسـياسـية واهتمام بمسـائل النزالة السـورية في الأرجنتين وشـؤون حياتها العمومية .

مع مجرى الأيام أخذ عبود سـعاده يتنبه لميل سـابق فيه لصناعة الجيل ( الميكانيكيات ) وما شـاكلها فأخذ يهتم بالابنية وهندسـتها . وفي هذه الناحية ظهرت مواهب الدقة الممتازة والإحكام الذي لا مزيد عليه . وحملته ثقته بنفسـه على دخول مباريات هندسـية في مدينة " كردبة " اشـترك فيها اشـهر المهندسـين في عاصمة تلك الولاية وجرت تحت اشراف ومراقبة لجان هندسـية من قبل حكومة الولاية وبلدية المدينة . وفي جميع هذه المباريات كان الفوز لعبود سـعاده، الأمر الذي أدهش مواطنيه والأجانب . وفي حادثة المباراة لإنشـاء دار الجمعية السـورية اللبنـانية في المدينة المذكورة جاء مهندس كبير يشـير على المواطنين أن ينصحوا عبود سـعاده ليسـحب خريطته من المباراة لئلا يجلب السـخرية على نفسـه والنزالة السـورية ، إذ هو " تيندارو" أي صاحب دكان لا غير. ووصلت هذه النصيحة إلى عبود سـعاده ولكنه أعرض عنها . وكانت دهشـة ذاك المهندس الكبرى كبيرة عندما فازت خريطة " التيندارو" إلى حد أنه لم يذهب إلى دار البلدية ليسـحب خريطته الخائبة كما فعل غيره !

ولعل أهم فوز للصديق عبود سـعاده هو الذي حازه في مباراة اكتسـبت صفة انترنسـيونية بدخول بعض مهندسـي المانية فيها. فمنذ بضع سـنوات عزم طبيب الماني شـهير عالمياً على اقامة مصح خاص في مدينة " كردبة " وطلب من اشـهر مهندسـي تلك المدينة أن ينشـئوا له الخرائط . وللطبيب المذكور قريب هو رئيـس مهندسـي أحد أقسـام بلدية " برلين " فسـأله الطبيب أن يضع له خريطة. وسـأل الطبيب السـيد عبود سـعاده ، الذي له به صداقة ، أن يضع هو ايضاً خريطة فاسـتعفى السـيد سـعاده . ولكن الطبيب ألحّ عليه فوضع خريطة . وجمع الطبيب جميع الخرائط وارسـلها الى " برلين " لتفحص من قبل لجنه هناك بعناية نسـيبه المهندس . فورده الجواب باختيار خريطة عبود سـعاده الممتازة . ووضع المهندس الألماني هذه العبارة في كتابه إلى قريبه الطبيب : " يجب أن يكون السـيد سـعاده هذا نابغة " . هي شـهادة من خبير. وفي ذلك برهان سـاطع على ما في الأمة السـورية من المواهب الكبيرة ومن امكانيات الانتصار في معارك تنازع البقاء والتفوق بين الأمم . ولهذا البرهان ولغيره يسـجل إسـم عبود سـعاده في عداد السـوريين النوابغ الذين يسـتحقون الاحترام العام والمديح الكثير . وقد كملت فضائل السـيد عبود سـعاده بإهتمامه بمصير أمته ووطنه ، واسـتقصائه منشـأ النهضة السـورية القومية الاجتماعية ودرسـه عقيدتها وغايتها وباعتناقه هذه العقيدة بعد الدرس والتمحيص .

وإليه يعود الفضل في تحرك أوسـاط النزالة السـورية في مدينة " كردبة " للاقبال على الحركة السـورية القومية الاجتماعية . فهو الذي دعا الزعيم في أواخر سـنة 1940 للحلول ضيفاً عليه مدة أيام بمناسـبة انتقال الزعيم إلى الجبال لاراحة أعصابه التعبة من عواقب الجهاد الماضي المرّ وسـهَل بذلك لأوسـاط السـوريين المغتربين النازلين في المدينة المذكورة للتعرف إلى مؤسـس النهضة السـورية القومية الاجتماعية واسـتطلاع حقيقة أمر الحزب السـوري القومي الاجتماعي . ومنذ ذلك الحين لم ينفـك هذا السـوري الكبير عن مسـاعدة الحركة القومية الاجتماعية معنوياً ومادياً ، كاسـباً بذلك محبة الزعيم وتقديره والذكر الطيب في المجموع القومي الاجتماعي . ولا غرو فإن النهضة القومية الاجتماعية قد تأيدت به في كردبة خاصة والأرجنتين عامة . وخطابه في حفلة أول مارس المـاضي ، ينطق بغيرته وحرارة ايمانه القومي ، وعباراته البسـيطة الصادرة عن قلب سـليم ونخوة ومروءة تدل على القوة الروحية الكبيرة الممثلة في شـخص عبـود سـعاده لنجاح الغـاية السـورية القوميـة الاجتماعيـة .

• لاحقاً سننشر ما أورده الأمين نواف حردان عن المواطن عبود سعاده في الجزء الثاني من مؤلفه "سعاده في المهجر".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق