الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

الاديبة وداد شروف عزالدين

إن أنت عرفت جيداً الشاعر الوطني علم الدين شروف، وما كان عليه في حياته النضالية في الوطن، خاصة ابان الاحتلال الاسرائيلي للجنوب، ولمنطقة حاصبيا، فتعرض للسجن في معتقل الخيام، وقد سيق إليه فراش المرض، ولاحقاً في البرازيل بعد أن إضطرته أوضاعه الصحية بعد الاعتقال إلى أن يغادر إليها حيث إبنته وداد شروف، متابعاً نضاله في أوساط الجالية شاعراً ووطنياً قومياً.. اذا انت عرفته جيداً، عرفت لماذا تميزت إبنته وداد، ليست في شاعريتها فقط، أو في حفظها لألاف الأبيات لمختلف الشعراء، إنما في إلتزامها الوطني القومي وفي حضورها المتألق في الجالية، حتى إذا قررت العودة إلى موطنها مع زوجها رجل الأعمال محمود عز الدين، تابعت حمل مشعل النهوض بالمجتمع، متميزة بالصدق والوعي والادراك العميق لأمراض شعبها ولسبل الخلاص منها.
ولأنها تربّت على يدي والدها الشاعر علم، فقد اكتسبت في مطلع شبابها خبرة غنية في الحياة، نمواً في مكتبتها الادبية، طلاوة في الأسلوب، وعمقاً في بحث الافكار المطروحة.
عنها قال الاديب نعمان حرب في كتابه " قبسات من الأدب المهجري"
" الأديبة السيدة وداد شروف عز الدين، من مواليد مدينة حاصبيا اللبنانية، تزوجت من السيد محمود عز الدين، من وجهاء القوم، ونزحت معه منذ خمس وعشرين سنة إلى البرازيل، واستقرا في مدينة سان باولو. وأخذت تعمل في البرازيل في التجارة، جنباً إلى جنب مع رفيق الحياة. حتى تبوأت مكانة مرموقة بين التجار، مثلما تبوأت مركزاً مرموقاً بين حملة الأقلام، وعشاق الكلمة.
لم تكن هموم الحياة ومشاغلها، لا سيما في بلدان الاغتراب، حيث يتسابق الناس على الكسب والثراء، ولا متاعب الاسرة وتربية البنين والبنات، لتحول دون متابعة نشاطها الادبي والاجتماعي فابنة حاصبيا المعروفة بإجتهادها وذكائها وهواياتها الادبية، لا تتغلب عليها هذه المتاعب، ولا توقف حدة نشاطها في كل الميادين الاجتماعية، فقد دخلت صومعة الادب منذ بداية حياتها، وما تزال ملتصقة فيها، تغب من معينها العذب، وتشرب من مياهها الصافية حتى الثمالة، تأخذ من كنوزها الدفينة ما لذّ لها وطاب. وتنشر من روائحها الزكية في كل مجتمع وناد. وتشترك في كل رحلة تمخر فيها سفينة الكلمة عبر الشواطئ اللا زوردية. وكل ذلك من اجل هذه الكلمة المجنحة، ومن أجل عطورها، وابعادها، وتطوراتها ".
" هذا الحضور الخاص في الوسط الثقافي العربي في مدينة كبيرة مثل مدينة سان باولو. وهذه المدخرات التي تختزنها وتنشرها في زحمة النقاش حول الأدب المهجري، قديمه وحديثه، جعلتها في مقدمة السيدات العربيات اللواتي برزن في حقل الادب والاجتماع.
" إنها محدثة بارعة، توشي نقاشها وآراءها، بأطر برّاقة من شواهد الشعر لكبار الشعراء العرب، ينطبق على الآراء والمناقشات المطروحة، معنى ومبنى. كما أنها تلقي على مسامع الحضور المقطوعات الشعرية بالفصحى والعامية.
تستمع إلى كل حديث أدبي بارع صاغية، وقلب مفتوح. وتلتهم المقاطع الشعرية بشغف، وتحدث الحاضرين في مجلسها حديث الاديبة المطلعة على كل شاردة وواردة في تطور الحركة الادبية المعاصرة. وتنقل أقوال القدماء والمعاصرين في ندواتهم الادبية بكل يسر وسهولة ".
**
كثيرة هي كتابات الاديبة وداد شروف، وكلماتها في شتى المناسبات. هنا نماذج تحكي من شفافية صادقة ومن اسلوب اخاذ.
• في حفل كبير اقامه النادي الحمصي في مدينة سان باولو عام 1985 وعرض فيه شريطاً سينمائياً عن معركة ابطال الجنوب اللبناني، خاطبت السيدة وداد جماهير الحاضرين بقولها:
" لقاؤنا معكم اليوم يمتاز عن كل لقاء سابق، يمتاز بلونه ومعناه، بزخمه وابعاده. فيه الوان من سموّ الشهادة وينابيع من الدماء التي قدمها ابناء الجنوب رخيصة.
ان ما تشاهدونه عبر الشريط السينمائي، هي وقفات عزّ وفداء. وتباشير انتصارات وأمجاد. ومؤشرات تحمل الى العالم بأن امتنا لن تغلب، ولن تركع، ولن تنحني أمام قوى الشر والطغيان.
سوف تشاهدون الزخم الانساني، وحرارة الايمان، وعظمة التضحية. وتقولون: ما أعظم الدم في سبيل الوطن، وما ابلغه عندما يتسع للاستشهاد. ان شهادة الدم لا تغيب عنها الشمس. وان الوطن الذي جبل ترابه بدماء امثال هؤلاء الشهداء لهو درة في جبين الاوطان، وجنة في دنيا الخالدين".
**
• في حفل استقبال اقامه البيت الدرزي البرازيلي لسماحة الشيخ مرسل نصر والاستاذ عارف الاعور حين زيارتهما البرازيل. القت الاديبة وداد شروف عز الدين الكلمة التالية:
حضرة الوفد الزائر..
سماحة المشايخ الاجلاء
الحفل الكريم
بين الوطن والمهجر مساحات تنمو. ومساحات تتسع انتشرنا فوقها منذ زمن بعيد. مزودين بوهج الايمان وتجلي المعتقد. وجوهر التوحيد واصالة التراث في الامة والوطن. فقد ابتعدنا بالمسافة وتوسعنا على المساحة. ولكن. رغم وجودنا في بلاد الاغتراب وكأننا لم نغترب لأن جذورنا متأصلة في الأرض ومترسخة بالحقيقة التي تساوي وجودنا. مثلنا نحن والاوطن كمثل الزهرة التي قالت للأريج لما انت بعيد عني؟ فقال إني في أعماق قلبك. ونحن نقول لكم اليوم، إن جذورنا راسخة في وطننا ولا يمكن الحديث عن دورٍ نسائنا في المهاجر بعيداً عن المثل العليا السامية التي في كل حق وخير وجمال. لذلك اقول بكل صراحة وبساطة إن نسائنا ظهر بأمس الحاجة اليوم الى الاقتداء بنضال الست سارة ابنة اخت الامام بهاء الدين. والسيدة نسب معن والدة الأمير الفخر الدين المعني الكبير. والى عز حبوس ارسلان وقوة عمشة قنطار وجنان وعطف نايفة جنبلاط وجهاد سعدى ملاعب وحنكة نظيرة جنبلاط، وبقدوة وتميّز جولييت المير زوجة الزعيم انطون سعادة، وغيرهن كثر.
لقد برزت عظمة نسائنا في مختلف السنين وفي مختلف الميادين وفي مختلف الظروف فحملنا اعباء ادوارهم رغم الصعاب والمحن وكنا الى جانب الشعب والارض والوطن في السلم والحرب معاً.
فيا لها من عظمة يجبد الاقتداء بها اذا كنتوا استوحيتو من نسائنا التاريخيات بعض شمائلهن الحميدة وصفاتهن الكريمة فدللو لأقوال ولا اخفي سراً.
أما عملنا في بلد الاغتراب يجب ان يكون على مستوى الظروف التي عصفت وتعصف في وطننا العزيز وخاصة اذ ان شعبنا يواجه عدواً شرساً يبغي الغاء وجودنا.
فدور نسائنا في المهجر يجب أن لا يقل عن الدور الذي تحملت اعبائه المرأة في بلادي فالنضال لا يتجزأ فهو مكمل لبعضه البعض وفي مختلف الميادين. الثقافية والاجتماعية والوطنية والعقائدية وفي الختام اذ اتوجه بالترحيب للوفد الزائر الكريم بإسم النغتربات واني اقول اذا كان الدروز هم الموحدي ن بالعقيدة فإنهم أيضاً وحدويون ايضاً في القومية غير محايدين اذا دعاهم نداء الواجب. لذلك لا يسعني إلا أن اردد مع شاعر النيل حافظ ابراهيم
عاقد المذلة في الدنيا فعندهم عـز الحياة عــز الموت سيان
لا يحيدون على ضيم يحاوله باغ من الانس أو طاغ من الجان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق