الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

الشاعر الكفيف حنا نقولا سعادة

الشاعر الكفيف حنا نقولا سعادة

جاء في جريدة "الانوار"، تاريخ 29/03/2010 أن جامعة سيدة اللويزة، برسا – الكورة، كرمت بالتعاون مع الحركة الاجتماعية اللبنانية، وبرعاية وزير الاعلام الدكتور طارق متري، مجموعة من أدباء الكورة الراحلين، منهم الرفيق فؤاد سليمان، الشاعر الراحل حنا سعادة (تكلمت عنه ابنته الدكتورة مي)، الامين عبدالله قبرصي، والدكتور علي شلق.
عن الشاعر حنا سعادة كان أعد الامين لبيب ناصيف النبذة التالية للنشر في وقت لاحق. فصدف أن اطلع في "الانوار" على الخبر الذي أوردنا موجزاً عنه اعلاه.
لذلك مع الخبر عن التكريم الذي تمّ، نعمم ما يفيد معرفته عن الشاعر حنا نقولا سعادة.
*
غـريـب مـا يُـرى

هو عنوان قصيدة للشاعر حنا نقولا سعاده، اختارته وحيدته الدكتورة ميّ سعاده ليكون عنواناً للديوان الذي جمعت فيه اشعار والدها " معرّي اميون " كما كان يُدعي .
تقول الدكتورة ميّ في مقدمة الديوان:
يا ابا ميّ
هذا هو " غريب ما يُرى " ضمةٌ من ديوانك انتقيتها . بعد ان مرت الايام . وتوالت الاعوام !
لقد تاخرت كثيراً في ابرازها . فقصرت ولا عذر . فانتظر مقدروك وتلامذتك عمرا . فإن حكمتَ عليَ فأنت أقدر ! وان صفحت عني فأنت أجدر !
رفقاً بي ! فلي اسبابٌ مخففة . أطفال أربعة . استنزفوا مني الشباب . حتى اصبحوا شباباً ! وطبٌ أنانيّ يستأثر ويستأسر ! ويتحكم ويستحكم ! طالما حلمت بطلاقه لأعاشر الشعر . فلم يعطني طلاقاً ولا هجراً ! وشؤون وشجون اخرى . أسرّها اليك متى التقينا !
على انني ما سلوتك يوماً – يشهد عليَّ الله – رغم هجرك الطويل الطويل ! فأنت لما تزل في قلبي صديقاً حيّاً ! وفي عقلي وحياً وفي عينيَّ حلماً ! وفي اذنيَّ نغماً ! وفي فمي شهداً !
فيا رائد المدارس الوطنية . ويا رافع لواء اللغة العربية ! ويا ايها الداعي الى الوحدة والآخاء . والمحبة والصفاء . اسمح لي ان اهدي هذا الديوان لتلاميذك الاوفياء ! الذين اقاموا لك التمثال ! عرفاناً واجلالاً ! !
*
لعل ما كتبه الاديب الكبير في الارجنتين خليل نبوت عن الشاعر الكفيف ، يلقي الضوء على انسان وشاعر كان له حضوره الآسر بلاغةً وشاعرية وتجسيداً للفضائل .
هذا ما نجده في مقدمة " غريب ما يُرى "
وشاء ربك تعزيز اميون – بلد العزائم الملتهبة والهمم الشماء والمروءة المتحفزة – فاصطفاها مهبطاً لعجيبة الدهر ومعجزة القرن العشرين . واختارها مسقطاً لرأس علم من اعلام الضاد . وناشري لوائها الفضفاض . اللغوي النابغ . والشاعر الملهم حنا نقولا سعاده المعروف بالمقدسي .
ولد هذا الشاعر عام 1884 من ابوين فاضلين . ولم يعرف امه التي قضت نحبها بعد ولادته ببضع ساعات . فارضعته مدة احدى نساء الجوار . وراحت تهز سريره يدٌ مأجورة . يد غير يد الام الطاهرة . وقبل ان يُكمل سنته الاولى اصاب عيني الحديث اللطيم داء الرمد . واشتدَّ عليه حتى ذهب بنورهما منتزعاً الحياة من تينك المقلتين الدعجاوين . وموشحاً ذلك السرير الخشن بطبقات من الظلمات .
وتعاقبت الاعوام على الضرير الطفل . فترعرع ونما تحت رعاية شقيقته الصغيرة مريم في كنف والده الشيخ الذي كان من أشد الناس تزهداً وتقية . واسبقهم الى الكنائس فكان يستصحب فتاه الى الدير المجاور – مار جرجس – وكان المترددون على الدير يتوددون الى ذلك الفتى الورع الذي كان يُرى دائماً منتصباً في احدى زوايا البيعة جامداً في مكانه كأنه تمثال نحتته يد الايمان العميق والخشوع الصادق . ولم يطل الأمد حتى غدت حافظته المتوقدة وذهنه الحاد يعيان معظم الصلوات الكنائسية التي كان يرددها عند مسيس الحاجة . كما لوكان يتلوها في كتاب مفتوح دون ان تفوته كلمة او يسهو عن عبارة بصوت جهوري رنان . كأني به يودّ ان تنفذ معانيها الى كل صدر . وترسخ حكمها في كل اذن . ويحتضن جلالها كل قلب .
وكان وقتئذ الاكسر خوس جرجس العازار كاهناً لكنيسته مار جرجس فلمس في الكفيف الصغير فطنة عجيبة ونباهة دقيقة . فطفق يتعهده بعطفه . لم يتوقف بتشجيعه عند حد الالحاح عليه بزيارته . واستصحابه الى منزله الذي كان مجلساً يؤمه نخبة من وجهاء الكورة . بل استعمل ما له من النفوذ على الاستاذ اسحق شحاده اول مدير لأول مدرسة تأسست في اميون تحت رعاية الجمعية الخيرية الروسية الفلسطينية . فسُمح له بالجلوس على مقاعد الدرس . وسماع ما كان يلقيه الاساتذة من الشروح والدروس . ولكن ما عتمّ ان طُلب من التلميذ حنا ان يتقيد بجميع نظامات المدرسة وقوانينها . – وأنى لضرير مثله ان يتقيد بها ؟ - فأرغم على ترك المدرسة يتنازعه اليأس والامل . فكان له في قسوة استاذه حافز على الدرس والاستفادة والتنقيب والتحصيل .
وكان دليله ورفيقه المرحوم نقولا النحيلي ثم نسيبه الشاب اسكندر نصار وأتاه يوماً صديقه الاسكندر ببشارة استلامه كتاباً غريباً في بابه . لا يشابه في شيء التعليم المسيحي ومدارج القراءة ومجامع الادب التي كانت تُدرس في المدرسة الروسية . فهشَّ لهذه البشرى وبشَّ وحالاً تأبط ساعده منطلقاً واياه الى منزله . يُلح عليه في استتلاء شيء من الكتاب الجديد . واذا بالكتاب " بحث المطالب " لمؤلفه المطران جرمانوس فرحات . ومنذ تلك الساعة شرع الفتيان المحصلان بدراسة قواعد الصرف والنحو . فكان اسكندر يقرأ ويراجع وحنا صائخاً باسماعه يفسر لرفيقه ما يقرأ . وراحت بصيرته ترسم بين ثنايا دماغه الكلمة تلو الكلمة . والمطلب تلو المطلب . حتى أَتيا على آخر الكتاب . وكان كلما التقى برفاقه تلاميذ المدرسة الروسية يلقي عليهم الاسئلة الصرفية والنحوية . فيعجزون عن الاجابة . فيفسرها ويشرحها لهم فيعجبون كيف هبط الصرف والنحو على رفيقهم الضرير تلميذ نفسه . وكان اعجاب رفاقه مشجعاً له على متابعة الدرس . والتفتيش عن الكتب والحصول عليها .
وعقد النية على السفر الى اميركا مع رفيق له . فلما وصلا الى مرسيليا رفض موظفو دائرة المهاجرة التعليم على جواز الفتى الضرير . فقفل عائداً الى بلدته كاسف البال دامي القلب لضياع امانيه المعقودة على اغترابه . وكان من توالي الارزاء . وتكاثف المصائب والمحن على ضيم الشاب حنا صاقلاً لشعوره الحساس ودافعاً لقريحته الوقادة وحافزاً لعبقريته الفياضة . فأخذ يقرض الشعر بين مديح ورثاء . وهو بالكاد يعرف الاوزان الشعرية . ويُلقي بين الحين والآخر في الكنائس عظاتٍ قيمات ، كانت تملأ صدور الناس روعة وسحراً واعجاباً . فطارت شهرته في انحاء الكورة . وتناقلت اخباره المدن اللبنانية . فتهافت عليه طلبة العلوم العالية في المدارس والكليات الاجنبية يأخذون عنه علوم اللغة العربية اثناء العطلات الصيفية . ولقد عرفت من هؤلاء الكثيرين ممن هم اليوم اطباء وقضاة ومحامون وادباء لامعون.
وكانت آنئذ المدرستان الروسيتان – الواحدة للاناث والاخرى للذكور – في اوج النضارة والازدهار. وكانت مديرة مدرسة الاناث الآنسة ملكة مبارك من خيرة آنسات بيروت أدباً وذكاءً وتهذيباً. فدفعها حبها للغة الانبياء والمرسلين على التوسع في اللغة العربية والتضلع من دقائق اصولها. فاقبلت – مع ثلاثة من معلمات مدرستها – على ابن بلدتها الاستاذ الكفيف. ياخذن عنه ويدرسن عليه. وشاءت حكمة الله ان يحب الاستاذ تلميذته المديرة. أحبّ فيها القلب الكبير والنفس الابية والعقل الرزين. فبادلته الحب الصحيح وراح الهوى يهيمن على عواطفهما ويتغلغل في شغاف قلبيهما وكان زواجهما الميمون في أواخر 1905. وكان من حظ الشـباب الاميوني هذا القران. اذ انه لم يطل الامد حتى أسَّـسا اول مدرسـة رسـمية أسـمياها المدرسة الوطنية. وكانت وطنية بكل ما في هذه الكلمة من المعاني والاغراض. جمعت على مقاعدها بين الجنسين " الخشن واللطيف " لاول مرة في تاريخ المدارس العربية القحة. ووسّع الله على الاستاذ رزقة فاقبل طلاب العلم على مدرسته من كل صوب وحدب. من اميون والقرى المجاورة حتى بلغ عددهم ما ينوف على المئة والخمسين طالباً وطالبة بين عام 1908 و1912.
ولبث الاستاذان الكريمان منعكفين على القيام بمهمتهما النبيلة يهذبان ما نشز من نفوس الشباب ويصقلان ما خشن من طباعهم حتى دوى المدفع في الانحاء الاوروبية وانطلق الموت الاحمر فتضاءل عدد الطلبة فارغما على قفل ابواب المدرسة والاكتفاء بتلقين الدروس للفئة القليلة في بيتهما الخاص. ولكن الله ابى ضيم تينك النفسين الحساستين وسحق ذينك القلبين الكبيرين فأنعمَ عليهما بطفلة بعد عقر طويل. وأتت ميّ الصغيرة لتملأ حنايا ضلوع ابويها تعزية وغبطة واستئناساً وجنبات ذلك البيت الكريم عويلاً مستحباً وبهجة وهاجة. وراح الأب الكفيف يتلمس وجه طفلته ويضم الى صدره جسمها اللدن مردداً " يا مي يا مي انتِ نور عيني ". هذه الاغنية تُجسمُ اللوعة المغلفة قلبه لحرمانه رؤية وجه وحيدته. وتُصورُ أماني روحه المعقودة على مستقبل فتاته. فلقد اصبحت ميّ طبيبة كما ارادها ان تكون. ولو لم يرها – فلقد قضى وهي تلميذة في الصف الطبي الاول في الجامعة الاميركية -.
ولما تصرمت اعوام الهول والبلاء. وانقشعت الغمامة الحمراء. عادت المدرسة الوطنية لتشغل الفراغ الذي تركه تسكيرها. ولكن لم يطل الامد على افتتاحها فعينه الحبر الكسندرس طحان أستاذاً للغة العربية في مدرسة الروم الارثوذكسية في طرابلس. فتجلت آنئذ مواهب الكفيف باجلى مظاهرها وتبوأ بين رجال الضاد وعلمائها المكانة التي يستحقها علمه ونبوغه وجهاده. وما برح مثابراً على القيام بمهمته التثقيفية بهمة لا تعرف الكلل وعزيمة لا يدانيها الملل الى ان قبض
الى رحمته تعالى نهار الخميس في 14 تشرين الثاني 1935 وله من العمر 51 سنة ففي ذمة الله وفي ذمة العروبة وفي ذمة تلاميذه جهاده الخالد وذكره الازلي.
اخلاقه: لقد كان رحمه الله تقيَّ السيرة طاهر السريرة، واسع الصدر، كريماً محباً صفوحاً. لا يحقد ولا ينتقم. قويَّ الحجة، حاضر البرهان صريح القول، أبيّ النفس لم يتدن لمداهنة وجيه او ممالقة كبير.
أما وأنا مدين له بالتلمذة والعطف الخاص الذي كان يحتضنني به ولقد رفعني – رفعه الله الى جنان خلده – فجعلني كاتبه ورفيقه واقرب المقربين اليه، وقدمني على سائر الطلبة. اما وانا صنيعة ادبه وغيرته، فانني لا ازال – ما جرى الدم في عروقي – اعترف وأذكر منته عليَّ. وان انسى لا انسى يوم كنت اجلس فيه لديه. انسخ ما يمليه عليَّ من الخطب والقصائد، دون أن يخمد له فكر، أو يأخذه عياء.
شعره: متين التركيب، دقيق الوصف، منسجم اللفظ. وهو بين التقليد والتجديد لا يعيبه في تقليده تعقيد، ولا يضيره في تجديده غريب. نسخ فيه على منوال غيره فاجاد وتمشى على غرار من تقدمه دون ان يتعمّد المبالغات، او يتطلب فخامة الالفاظ وضخامتها، وقرقعة القوافي وجلبتها. ففي تعبيره جزالة وفي جزالته فن وفي فنه متانة وسحر.
*
مـن شـعره:
كيـف أحيـا ؟

كيـف احيـا وهل لغيـري الخلـودُ شــاءه اللـهُ والوجـودُ وجـودُ
لغـةُ الوحـي والـنـبـي وعـنـه قمـتُ اروي حديـثـه وأفـيـدُ !
وجـمعتُ الأجنـاس مـن كل ديـنٍ فتـلاشـى بـي الخـلافُ الـمبيد
وتـآخى الاسـلامُ بـي والنصـارى مـعَ بعـد اتفـاقهـم واليـهـود !
فسـبـيل الحيـوة منـي قـريـبُ وطـريـق الـممات عنـي بعيـد
كـم تصرفـتُ والحـوادثُ تـتـرى وليـالي الـزمان بـيـضٌ وسـودُ

مـا عـرى هـمتي وعـزمي جـمودُ انـما قـد عرى بنـيَّ الـجـمودُ !
وكلـونـي الـى الاجـانـب حتـى نـال ناري بعـد الشـبوب خـمود
وغـدا الاجنبـيُ مـالـكَ فضـلـي انّ هـذا مـن أمـتـي لـجـحود
أيـن شـادوا لي الـمدارس فـيهـم أوَ لـم يبـق بينـهم مَنْ يشـيـد ؟
ايـنَ مَـنْ ترجـموا العلـوم وذادوا عـن حيـاضي أَما بقي مَنْ يـذود ؟
ايـنَ مـن جـادوا بـالالوفِ لأحـيا يالقـومي امـا بكـم من يـجود ؟
فبهـذي أنـا علـى الدهـرِ أَحـيـا وشـبابي يـخـضرُّ منـه العـود

يـا رعـى اللـهُ عهـد عصرٍِ قديـمٍ فيـه كانـت تُـرعى لحبـي العهودُ
أيـنَ من اخلصـوا بودي النـوايـا ؟ واسـاتيـذي جـاهـلّ ورشـيـد
يقتـلُ الـجاهلُ النبـوغَ ويُشْـقـي طـالبيـه فهـو الشـقي السـعيد
ويـربـي الرشـيـدُ فيهـم عقـولاً تطلـبُ النـور والنجـاحُ أكيـد
ويـحَ مَـنْ يعهـدون أمر بنـيـهم لـجهولٍ والوعـدُ فيهـم وعـيدُ
ان دون التـدريـس والدرس عنـدي لـذويــه قـواعـدٌ وقـيـودُ
ما اسـتـباح الجهـال داخلَ خدري ولـديـه ضـوابـط وحـدود
انـما بـحـت للـثـقات بسـري فاسـتقادت لـهم حرونّ شـرود

غـادة الضـاد والبيـان ومَـنْ لـي ان تـحاكي بدائعـي الغـرَّ غيـدُ
صـدَّ عني النـشء الجـديد لغيـري وحـرامٌ علـى جـمالي الصـدودُ
ربـةُ الصـون والعقـول خـدوري عشـتُ فيهـا ولسـت عنها أَحيدُ
سـوف احيـا حتى تـموت البـرايا ومـن النـاس كـارهٌ ومـريـدُ !
* * *

" غـريـبُ مـا يُـرى "

لا يسـتـطيعُ اخـو التفكـيـر تعلـيلا لـما يـراهُ مـن التـدجيـل مقبـولا
يَـرى الـمرائين بين النـاس قد غَـلبوا ومـن لا يزال على الاخلاص مـحمولا
يـرى الـمنـافـقَ مرغـوباً بصحبتـه كمـا يرى الـحُرَ منبـوذاً ومَفْصـولا
يرى مُنـى الكاذبِ الخـدَّاع يـحصلُ إذ يرى منـى الصادقِ الـمفضال ممطولا
يرى الـمُصـانِعَ مقبـولَ الكـلام كمـا يـرى الحكيم النـزيهَ القولِ معـذولا

يـرى الفتـى الجاهلَ الـمغرورَ منتـصراً كمـا يرى العـالمَ النحـرير مـخذولا
يـرى الفتى الخامل المـجهول مشـتـهراً كمـا يرى الماجدَ الـمعروفَ مجـهولا
يـرى الكـفيفَ بصيـراً في الزمانِ كما يـرى البصـيرَ يضيـعُ العمرَ تضليلا
يرى ذوي النقـص يـزدادونَ تكرمـةً ولا يـرى لـذوي الأفضالِ تفضيـلا
يرى جميـع الورى تُخشـى شـرورُهُم ولا يـرى خـيرَ جُـلِّ النـاس مأمولا
يـرى الخليعَ أنيسـاً للجميـع كمـا يرى الاديـبَ لدى أهليـه مَـمْـلولا
يرى القريـبَ غريـباً في ذويـهِ كمـا يرى غريبَ الـورى من ذاك مبـدولا

يـرى الصعـابَ لدى الجُهـالِ هيِّنـةً وعنـد أهل النـهى تـحتاجُ تذليلا
يـرى بنـا الحظَّ للمحتـال خـادمه كمـا يـراه عـن المفضال مشـغولا
يرى الـمعارف تحتـاجُ القليلَ من الـ مالِ الـذي باتَ بالفحشـاء مبـذولا
يـرى بنا الـميتَ مبكياً ومـمتـدحاً كمـا يـرى الحـيَّ مهجـوَّاً ومرذولا
يرى بنا الـمفسـدَ الشـرير محتـرماً كمـا يرى الـمصلحَ الصديقَ مغلـولا
يرى بني الدهرِ أنصـار القويِّ كـما يـرى الضعيف الى الايـام موكـولا
يرى سـيوفَ رجال الحـقِّ مغـمدةً كمـا يرى عُضْب أهل البغي مسـلولا

يـرى وسـيمَ مـحيَّا الدين محتجبـاً كمـا يرى الكفـرَ مسـموعاً ومنقولا
يـرى الـمكوِّن مشـكوكاً بصحته كمـا يرى مذهبَ التعطيـل معقـولا
يرى شـرور بنـي الدنيا وليـس يرى لرحـمـة اللـه في الايـام تبـديلا
يرى مـن الزهر اكليل المسـيء كما يرى من الشـوك لابن اللـه اكليلا !
فانظر وقـسْ واعتبـر واصبر أُخيَّ إلى أن يقضيَ اللـه أَمـراً كـان مفعولا !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق