الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

زيارة سعاده الى يلدة عماطور (الشوف)

زيـارة سـعاده الى بلـدة عماطـور ( الشـوف )

بلدة عماطور ( الشوف ) شعّت في تاريخ الحزب ، وشهدت انتماء العديد من ابنائها ، فتوحّدت في النهضة ، عائلتا ابو شقرا وعبد الصمد ، بعد خلاف شديد . واذ نذكر عماطور نذكر اليوم التاريخي حيث زار سعاده البلدة ، فسمي بـ " يوم عماطور " ، كما نذكر اوائل رفقائنا المؤسسين للعمل الحزبي فيها ومن ابرزهم الرفيق مسعود عبد الصمد الذي نأمل ان نحكي عنه لاحقاً ، كما عن " يوم عماطور ".
هذه النبذة وردتنا من الرفيق نديم مسعود عبد الصمد ، وفيها اضاءات على بدايات للعمل الحزبي نفرح بها ونعتّز .
*
عندما كنت لا ازال طفلاً وفي حدود الست سنوات كنت ارى اهل البلدة يتقاطرون بالعشرات الى منزل والدي حيث يؤدون التحية بشكلٍ ملفت للنظر ويعقدون الاجتماعات السرية وكان يقف على مدخل البيت شخصان لحماية الاجتماع وتحقيق النظام . وقد لفت نظري هذه الظاهرة الغريبة فقمت بسؤال والدي ما الذي يحصل في بيتنا ، فكان جوابه لي : هؤلاء الاشخاص هم تنظيم جديد اسمه الحزب القومي ، وهو يريد تحرير البلاد من الاستعمار الاجنبي . لم افهم معنى الاستعمار فأخذت اراقب تصرفات هؤلاء الاشخاص وكانت تزداد حشريتي لمعرفة المزيد عن هذا الحزب . ففي بلدتي عماطور كانت الخلافات على اشدها بين عائلتي عبد الصمد وابو شقرا فجاء الحزب ووحّد هذه العائلات ، ومن خلال ذلك استقر الوضع في البلدة واصبحت الالفة والمحبة بين العائلتين تزداد وضوحاً . علماً بأني في ذلك الوقت علمت من والدي أن عدد القوميين في البلدة يزيد على 165 شخصاً حيث كانوا يلاحقون من الامن العام الفرنسي والدرك اللبناني ، فوالدي كان يقضي اغلب اوقاته فاراً من وجه هؤلاء ، وفي السجن اوقات اخرى مما حال دون تمكنه من العمل فاصبح يبيع املاكه في سبيل تربيتنا . ومع وصولي في السن حتى العاشرة كنت ارى اشخاصاً لا اعرفهم يأتون لمنزلنا وقد عرفت منهم فيما بعد ، الامناء الدكتور عبد الله سعاده ، حسن الطويل ، كامل ابو كامل وجورج عبد المسيح ، ومن خلال تصرفاتهم اخذت اشعر بميل لمعرفة هذا الحزب، فأصبحت اقرأ في كتب كانت في مكتبة والدي الى ان جاء حضرة الزعيم بزيارة الى عماطور وقد حشدت الدولة كامل اجهزتها العسكرية مع الامن العام الفرنسي لالغاء هذا الاجتماع الذي كان محضّراً له بطريقة نظامية وبمشاركة جميع قوميي منطقة الشوف مع بعض الاهالي وقد توافدوا للتعرف على حضرة الزعيم .

وفي الوقت المحدد حضر حضرة الزعيم على رأس وفد حزبي اذكر منهم المرحوم الامين جبران جريج وقد كان والدي في ذلك الوقت ناظراً للتدريب ، فعمل على تنظيم القوميين بصفوف بديعة النظام بانتظار وصول حضرة الزعيم وتقديم التحية له ، وعمد الى تأمين الحماية المناسبة بنشر بعض الرفقاء على سطوح البيوت التي كانت في ذلك الوقت من طابق واحد .

وقبل البدء بالقاء حضرة الزعيم خطابه الشهير تقدم قائم مقام الشوف جورج حيمري وقائد القوة العسكرية المقدم نسيب دحروج وطلبا من حضرة الزعيم الغاء خطابه نظراً للوضع المتشنج من قبل الجنبلاطيين في ذلك الوقت ، فما كان من حضرة الزعيم إلا أن احالهم على منفذ عام الشوف الامين كامل ابو كامل قائلاً لهم انا تحت تصرف مسؤول المنطقة فهو يقرر القاء الخطاب او الغائه . فتوجّه القائم مقام الى المنفذ العام وطلب منه ذلك موضحاً ان القوات الفرنسية لن تسـمح بذلك ، فأجابه : نحن لا نسعى الى احداث مشاكل ولكننا لن نسكت اذا اعتدي علينا ولدينا القوة الكافية لذلك .
واثناء القاء حضرة الزعيم خطابه اخذ القائم مقام وقائد القوة العسكرية يصفقان بشكل ملفت للنظر . وبعد ذلك اليوم اصبح يُحسب للقوميين في منطقة الشوف الف حساب .
هذا في بداية حياتي اما عندما اصبحت في سن الثالثة عشر على ما اذكر والتحقت بمدرسة الصنائع في بيروت وقد رافقت والدي الى مهرجان اسـتقبال حضرة الزعيم القادم من اغترابه القسـري في مطار بيروت ( مكان المدينة الرياضية الحالية ) فكان يوماً لم اشـهد لتاريخه مثيلاً له في التنظيم وكثافة الحشـد . عندها قررت التعرف على الحزب فتابعت قراءة ما توفر من كتب حزبية ، وعندما اصبحت في سـن السـادسـة عشر قررت الانضمام الى الحزب وقد حصل ذلك على يد المرحوم الامين حسـن الطويل الذي كان يتردد على والدي كثيراً على موتوسـيكل بثلاثة دواليب وقد كان ذلك في الاول من آذار 1950 .

وما زال الرفيق نديم عبد الصمد على ايمانه والتزامه ونشاطه . اسر اثر الثورة الانقلابية ، خسر وظيفته في الامن العام ، تولى مسؤوليات حزبية محلية ومركزية ، وهو اليوم في عمدة الاذاعة والاعلام .
عن والده الرفيق مسعود اخذ عقيدة الحياة ، عنه اخذها ابناه الرفيق الشهيد فادي ، والرفيق باسم ، الذي بدوره سيسلم امانة سعاده الى اولاده .
نحن نعمل لأجيال لم تولد بعد . . اجيالنا ستبقى تحمل مشعل النهضة ، شبل بعد رفيق، الى ان يعمّ الوعي شعبنا ، وننهض به امةً جديرة بان تحيا ، تتوحد ، تستعيد اجزاءها السليبة والمسلوخة ، وتقف عزيزةً بين الامم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق