الجمعة، 1 أكتوبر 2010

اثر الكتابات البابلية في المدونات التوراتية

أثـر الـكـتـابـات البـابليـة
في المـدونـات التـوراتـيـة


أثر الكتابات البابلية في المدونات التاريخية " كتاب آخر في سلسلة الكتب التي أصدرها الأب سهيل قاشا "
عن " دار بيسان للنشر والتوزيع ".
والكتاب في أصله بحث قدمه الأب سهيل قاشا في المؤتمر العلمي لكلية التربية (جامعة الموصل- آذار- 1985) وفاز في المرتبة الأولى، وقدم إلى المؤتمر العلمي السابع لجامعات العراق الذي أقيم في بغداد(نيسان- 1985) وفاز في المرتبة الثانية.

مقدمة الكتاب التي وضعها المؤلف في (25- 4- 1984) تضيء على مكنوناته، نختار منها التالي:
عاش الإنسان قروناً عديدة تحت وطأة العرف والتقليد البدائيين، قبل أن يعرف الكتابة والتدوين، وحينما راحت يراعه تتقن الكتابة والتدوين، وخاصة حينما بدأ يعيش تحت نظام حكم معين، في ظل فجر السلالات، ونظام دويلات المدن وما تبعها حيث أفرزت لنا شرائع عدة، منها: شريعة أورنمو، وشريعة لبت عشتار، وشريعة ايشنونا، وشريعة أوركاجينا. أو تحت نظام الدولة الموحدة، أو الامبراطورية التي بلغ بها الإنسان العراقي القديم، اسمى مراتب التشريع وأفضل بنود القانون. وراح الملك حمورابي(1793- 1750 ق. م) يصنع لشعبه ودولته نظاماً تشريعياً موحداً، كان خلاصة الشرائع التي سبقته حتى أضحى معيناً لشعوب، وملوك عديدين، كالأشوريين، والعبرانيين، والحثيين، ومنهم موسى النبي الذي سنّ لشعبه شريعة ذات أصول، عامة، تعتبر من الشرائع السابقة أو اللاحقة قبل تحريفها وتحويرها.
إن القصص التي كتبها اليهود استناداً إلى الرواية المتناقلة، ليست بتاريخ إنما فيها نفحة تاريخية وطيلة عشرين قرناً الماضية، تمكن اليهود من تكريس الكثير من المفاهيم المخطوءة القائمة على التحريف والانتساب المزور للحوادث والشخصيات التاريخية، من أجل أن يجعلوا لهم امتداداً تاريخياً مرتبطاً بحضارات العالم القديم، وعلى الأخص الحضارتين، العراقية والمصرية العريقتين.
وتحسّ بكل تأكيد، إن أحبار اليهود، قد اقتبسوا من تواريخ الأقطار المجاورة لهم فهوّدوا كل المعلومات والحكايات، التي رأوا فيها فائدة بعد أن زوروها.
إذ أن تاريخ اليهود القديم- الذي تضّمنته التوراة- قد وضعه كتّاب عاشوا في بابل بعد وقوع حوادث بمئات السنين، واستندوا في رواياتهم عن قصص مروية تناقلتها أجيال من أسلاف اليهود الذين كانوا قد تزاوجوا مع سكان البلاد الأصليين من كنعانيين، وحوريين، وحثيين، وبابليين، وآشوريين، وكلدانيين، وفقد الكثير من أصوله العرقية الجزرية( الفرات الأوسط)، وبالتالي خضعت تلك القصص إلى التأثيرات التي أملتها مصالح الفئات المتناحرة، إلى أن ما تضمنه أسفار (العهد القديم) من قصص وأساطير وشرائع، إنما يرجع أصله إلى المدونات السومرية، والبابلية، والأشورية، وإن اليهود اقتبسوا منها ما ينفعهم، وحذفوا بلا هوادة، كل ما لم يلق استحسانهم.
وحتى الوصايا العشر التي يكاد العلماء يجمعون على أنها الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية لم تكن بكاملها، وعلى هيئتها الحالية كالتي جاء بها موسى. وهناك الكثير من التشابه والتطابق بين قوانين موسى، والقوانين البابلية التي سبقتها بأمد بعيد.
لقد أسهمت في تأليف كتاب العهد القديم مجموعة متباينة من الأحبار والمعلمين والكتبة. وظهر المشرع الأول للأسفار الخمسة في التوراة ويمثله النبي موسى وهو يتكلم بلسان(يهوه). ومن الغريب أن لهذه الأسفار ما يقابلها في قوانين حمورابي التي كانت قد سبقتها بأكثر من قرنين.
ولقد توصل العديد من العلماء الأركيولوجيين (الآثاريين) مؤخراً إلى أن (سفر الخروج) نفسه،الذي يعتبره الكتبة اليهود واحداً من الأسفار الخمسة التي نزلت على النبي موسى قد تضمن قصصاً تشبه تماماً تلك التي جاءت في الحوليات البابلية، ومنها على سبيل المثال، قصة موسى الذي قاد اليهود إلى فلسطين تبقى على حالها، وقضوها في مصر في القهر والعبودية، تتشابه وتتطابق لما دونه أحد الكتبة البابليين عن ولادة سرجون الأكدي (2350- 2295 ق. م) وهو يتحدث عن نفسه.
وهناك تشابه بين( قصة الخليقة) (إيلوما- أيليش) البابلية، وبين قصة خلق العالم، كما وردت في سفر التكوين في أكثر من حدث. والتشابه نفسه نلاحظه في قصة(خلق الإنسان) السومرية وتطابقها مع الأحداث التي ترويها التوراة عن أصل الخليقة. وكان لفكرة البعث والنشوء في ملحمة (كلكامش)الخالدة تأثيراتها الواضحة في التوراة بالرغم من أن التوراة دونت بعدها بحوالي ألفي سنة.
ومن بين قصائد الغناء التي عثر عليها منقوشة على لوح من الطين، قصيدة سومرية تصف(أرض الخلود) التي لا يوجد فيها مرض أو موت أو حزن... هذه القصيدة فيها تطابق مذهل مع وصف التوراة(لجنة عدن).
لقد وردت (قصة الطوفان) في أكثر من موقع في المدونات السومرية والبابلية لا سيما ملحمة كلكامش، حين غطى المعمورة، ولم ينج من أهلها إلا زعيم ديني وأفراد أسرته والحيوانات التي حملها معه في الفلك التي أوحى إليه ببنائها من قبل. ولقد أورد سفر التكوين هذه القصة، بعد ألفين ونيف من السنوات مما أوردته الحوليات البابلية، ولكن كتبة اليهود كعادتهم نسبوا هذه القصة إلى مدوناتهم الدينية ولم يذكروا مصدر الإقتباس.
وهناك أسفار أخرى ذات تشابه مع المدونات السومرية والبابلية والأكدية والأشورية.
من هذا نستخلص أن الشريعة الجديدة- شريعة موسى- فيها من الإقتباسات والمتشابهات من التراث والتشريع العراقي القديم الشيء الكثير، نقدم منها هنا للبحث والنقاش.
وقد قسمنا البحث إلى قسمين، تناولنا في الأول مقتبسات شريعة موسى من شريعة حمورابي وأثر الحكمة العراقية القديمة في أسفار التوراة.
وفي القسم الثاني تناولنا المواضيع التالية: بابل والتوراة، وملحمة الخلق(اينوما ايليش) وسفر التكوين وألواح السومريين وجنة عدن والفردوس المفقود وحكاية الطوفان الكبير البابلية، والطوفان بين النص التوراتي والنصوص السومرية والبابلية ثم ملحمة كلكامش وسفر التكوين وبين سرجون الأكدي وموسى، وصبر أيوب بين النصوص المسمارية والتوراة، وغيرها.
ثم جعلنا للكتاب خلاصة شاملة مع أربعة ملاحق إيضاحية مفيدة وختمناها بفهارس عديدة للإعلام والأماكن والأقاليم والشعوب، معتمدين على أدق المصادر والمراجع وأصدقها.

مـحتـويـات الـكـتـاب

القسم الأول: حمورابي الملك وموسى النبي.
المسلة والأسفار- القانون والشريعة - مقتبسات شريعة موسىمن شريعة حمورابي:
1- مبدأ القصاص 2- عقوبة تهريب الرقيق 3- عقوبة انتهاك حرمة الأبوين 4- عقوبة الزنى والإغتصاب 5- عقوبة السرقات والنهب 6- عقوبة اتهام امرأة أو فتاة بالفحشاء 7- عقوبة الاتهام الكاذب 8- عقوبة السحر 9- الديون وكيفية استيفائها 10-التعويض عن الأضرار 11- الأضرار الناجمة عن الغرق والحريق 12- التزوج بأكثر من امرأة واحدة 13- شؤون حياتية عامة 14- الوديعة والدية 15- المخالفات 16- استخدام الحيوانات 17- مبدأ الأشياء في العقد 18- الشيقل 19- الاختبار المائي 20- الوصايا العشر.

القسم الثاني: أثر الحكمة العراقية القديمة في أسفار التوراة.
1- سفير المزامير 2- سفرالأمثال 3- سفر الجامعة 4- سفر يشوع بن سيراخ 5- سفر موبيا.

القسم الثالث: بابل والتوراة.
ملحمة الخلق اينوما ايليش- التكوين السومري- التكوين البابلي- التكوين التوراتي- ألواح التكوين السبعة وأيام التكوين السبعة- سفر التكوين وألواح السومريين- جنة عدن والفردوس المفقود- حكاية الطوفان الكبير البابلية- قصة الطوفان الكبير العبرية- الطوفان بين النص التوراتي والنصوص السومرية والبابلية- ملحمة كلكامش وسفر التكوين- الطوفان حسب اللوح الحادي عشر- بين سرجون وموسى- صبر أيوب بين النصوص المسمارية والتوراة- نظرة مقارنة بين أساطير الخلق العراقية القديمة وأسطور الخلق التوراتية- الخاتمة.
الملحق الأول(سقوط آدم)- الملحق الثاني(موسى في صندوق القش)- الملحق الثالث(التوحيد لدى العراقيين القدماء)- الملحق الرابع(قاموس الآلهة العراقية القديمة)- المصادر والمراجع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق