الجمعة، 5 مارس 2010

قصــة تمثــال الدكتور خليـل ســعاده


كل من يمر في ضهور الشوير متوجهاً الى نصب سعاده، الى العرزال، والى مشروع دار سعاده الثقافي الاجتماعي، لا بد أن يلفته تمثالاً وسط ساحة وحديقة.
البعض يعرف أن التمثال هو للدكتور خليل سعاده، انما لا يعرف شيئاً عنه ولا عن ناحت التمثال، وقصته. أما معظم المارين، فهم لا يعرفون أن التمثال هو لوالد زعيم الحزب، الدكتور خليل سعاده.
قصة تمثال الدكتور خليل سعاده يرويها الأمين لبيب ناصيف.
***
قصة كتاب "الرابطة"
وتمثال الكتور خليل سعاده في ضهور الشوير
يشرح الأديب والروائي الأمين نواف حردان أن تأثره بالدكتور خليل سعاده كان قد بدأ عندما كان الأمين نواف ما زال على مقاعد المدرسة، وكان يرسل اليه احد اقربائه في البرازيل بعض الصحف الصادرة في المهجر، وبينها جريدة "الرابطة" التي كانت تصدرها جمعية الرابطة الوطنية السورية في سان باولو ويرأس تحريرها الدكتور خليل سعاده.
وسافر الأديب حردان الى البرازيل عام 1953، وهناك صدف ان قرأ في عدد قديم من جريدة "الرابطة" كان يحتفظ به قريب له، ان الدكتور خليل سعاده توفي عام 1934 وان الرابطة السورية أقامت له مأتماً كبيراً جداً، ثم أقامت احتفالاً آخر بعد مرور اربعين يوماً على وفاته، أعلنت فيه انها ستنشر آثار الدكتور خليل الفكرية والأدبية والسياسية في سلسلة كتب تصدر تباعاً، تخليداً لذكراه وتقديراً لتلك الآثار القيمة.
الا ان الرابطة التي كانت اعلنت ذلك، تراجعت لاحقاً عن تعهدها واخلفت بوعدها الذي قطعته على نفسها.
وراحت الايام تدور، والفكرة في ذهن الاديب الامين نواف حردان وتصميمه، الى ان امكن له بعد سنوات عديدة ان يستقر في سان باولو وان يعطي من اهتمامه اكثر للقراءة والمطالعة، وللكتابة، فكان ان اصدر عام 1970 كتابه "اضواء وحقائق" الذي يفضح فيه اباطيل اليهود، وفي العام 1972 اصدر روايته التاريخية الرائعة "حفيد النسور"، التي ترجمت لاحقاً الى البرتغالية واصدرتها "دار اديكون".
وفي هذه الاثناء اتصل الامين نواف حردان باحد اصدقاء الدكتور خليل سعاده القدامى، الذي ما زال وفياً لذكراه، السيد غطاس خوري(1) والذي كان تولى مسؤولية امين صندوق الرابطة الوطنية السورية. فاهتم بالامر، ونتج عن ذلك تأليف لجنة من هؤلاء الاصدقاء اعضاء الرابطة قديماً تدعى "لجنة طبع آثار الدكتور خليل سعاده" تقوم بطبع آثاره الادبية والفكرية. بدوره راح الامين حردان يبحث عن آثار الدكتور خليل سعاده، الضائعة والمبعثرة هنا وهناك، المخبأة في صناديق عتيقة بين اوراق شبه بالية، إلى أن عثر على مجموعة مجلة "المجلة" التي اصدرها الدكتور خليل في سان باولو في الفترة 1923-1925، وعلى مجموعة "المجلة" التي اصدرها الزعيم فيما بعد في بيروت عام 1933، وعلى عدد من مقالات الدكتور خليل في جريدة "الرابطة" التي تولى تحريرها من العام 1930 حتى وفاته عام 1934.
اثر ذلك طلب الأمين نواف حردان من السيد غطاس خوري ان يجمع من اعضاء "لجنة طبع آثار الدكتور سعاده" بعض التبرعات لنفقات طبع كتاب يضم مقالات للعلامة الدكتور خليل، بعد أن كان اختار مما عثر عليه منها، ثم كتب مقدمة الكتاب باسم "الرابطة" واشرف على تصحيحه واخراجه الى ان صدر.
وفي 30/01/1972 اصدرت "لجنة طبع آثار الدكتور خليل سعاده" كراساً صغيراً تعلن فيه صدور كتاب "الرابطة" وتطلب الى الاصدقاء الذين يرغبون في اقتناء نسخة من الكتاب الاتصال بامين صندوق اللجنة الاول، السيد غطاس خوري، أو بأمين صندوق اللجنة الثاني الشاعر فارس بطرس.(2)
تلك كانت بداية الاهتمام بآثار الدكتور خليل سعاده، التي تابعها بعد ذلك اكثر من اديب وكاتب، منهم الصحافي الكاتب الرفيق بدر الحاج، الاديب الرفيق جان داية وغيرهما.
***
اما عن تمثال الدكتور خيل سعاده الذي تمّ صنعه في البرازيل، وشحن الى لبنان، ثم أقيم الاحتفال بازاحة الستار عنه في 13 ايلول 1981، فقصته يرويها الفنان الرفيق عارف ابو لطيف(3)
يقول: في العام 1969 تعرفت الى الامين نواف حردان في مدينة غويانيا عاصمة ولاية غوياس في البرازيل، وعرف اني ادرس الفن والنحت، فشجعني قائلاً ان الفن ارقى درجات الثقافة في التاريخ.
بعد اشهر على لقائنا الاول، كتب لي طالباً حضوري الى مدينة سان باولو على عنوان تبين لاحقاً انه عنوان مكتب السيد غطاس خوري. لبيت الدعوة، وكان الامين نواف ينتظرني ومعه السيد غطاس خوري، وهو كان واستمر صديقاً مخلصاً وفياً للدكتور خليل سعاده. فاجأني الامين نواف عن سبب الدعوة وهي أن أقوم بصنع تمثال للدكتور خليل. ترددت متهيباً المشروع. الا ان الأمين نواف شجعني معيداً على مسمعي ما قاله الزعيم الخالد: "ان فيكم قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ".
انصرفت الى عملي لمدة ستة اشهر، وكنت اثناء ذلك اطالع كتاب "الرابطة" فتأثرت كثيراً بحياة الدكتور العلامة، وبمقالاته.
اتصلت بالأمين نواف، بعد أنْ كنت انجزت نحت التمثال، وقبل ان اصبه بمادة البرونز. فتوجه الى غويانيا مع السيد غطاس خوري وحلاّ ضيفين كريمين في منزل الاب الرفيق ميشال خوري راعي الكنيسة الارثوذكسية في غويانيا ومؤسس مدرسة مار نقولا. في اليوم الثاني لوصولهما توجهنا الى مكان التمثال في "فندوري دي غوياس" واذكر أن السيد غطاس خوري بكى عند رؤيته التمثال واستعاد حنينه الى صديقه الدكتور خليل.
هذا وقد نشرت مجلة "بلادي" الصادرة في سان باولو لصاحبها الاستاذ عمر نشابي ريبورتاجاً مصوراً عن الزيارة "اشادت فيه بدور النحات المبدع عارف ابو لطيف وبالاهتمام الذي يقوم به الاب ميشال خوري لجهة التمثال، كما لتأسيسه المدرسة التي تضم 300 تلميذاً، ويسعى الاب ميشال لادخال الصفوف الثانوية اليها، ومن المنتظر ان تتحول الى كلية جامعة تدرّس اللغة العربية الى جانب البرامج البرازيلية، وأيضاً لدوره الوطني في غويانيا "حيث حصل على ثقة مواطنينا جميعهم على اختلاف مذاهبهم فهو خوري المسلمين والدروز والمسيحيين في وقت واحد".
في 14 تموز 1973 وصل الفنان الرفيق عارف ابو لطيف الى الوطن حاملاً معه رسائل من اللجنة ومن الأمين نواف حردان وقام باتصالات مع عديدين نذكر منهم الامين وديع الياس مجاعص والسادة فيليب قيامة، جورج مجاعص، المحامي فؤاد غصن الى ان كان لقاؤه في 21 تموز مع رئيس بلدية ضهور الشوير الدكتور جبرائيل صوايا. ثم جرى البحث عن المكان الافضل لوضع التمثال، وكانت هناك آراء عدة في هذا الصدد الى أن قرّ الرأي بوضعه في مكانه الحالي.
في هذه الاثناء وصل السيد غطاس خوري، كما تمّ شحن التمثال، ووضعه في مركز بلدية الضهور. وتتابعت الاتصالات، الا أنّ اندلاع الاحداث الدامية عام 1975 جعل كل شيء يتأجل، ثم ليتابع مجدداً كلما كانت الاوضاع الامنية تهدأ، حتى كان يوم 13 ايلول 1981 حينما شهدت ضهور الشوير احتفالاً حاشداً ازاح فيه وزير السياحة الاستاذ مروان حمادة الستار عن تمثال الدكتور خليل سعاده، وتكلم فيه، الى الوزير حمادة كل من: الرفيق سمير ابي ناصيف عريفاً، المحامي الرفيق انطون داغر باسم المجلس الشعبي لمنطقة المتن الشمالي، الامين عصام حريق باسم اهالي ضهور الشوير، يحيى خلف أمين عام اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، أحمد سويد باسم اتحاد الكتاب اللبنانيين، باسم السبع باسم نقابة الصحافة اللبنانية، الأمين مروان فارس باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، والرفيقة صفية سعاده.
**
1- من بلدة كفرقوق (راشيا) قدم منزله في البلدة، بعد ترميمه، ليكون مقراً للبلدية. كان من اعيان الجالية في سان باولو، وطنياً، صديقاً للحزب، ومن أكثر أصدقاء الدكتور خليل سعاده.
2- الرفيق الشاعر فارس بطرس كان أيضاً من عارفي ومقدري الدكتور خليل سعاده. من بلدة خربا (محافظة السويداء).هو من قرية عيحا "راشيا" ولد عام 1936 وغادر الى البرازيل عام 1956 واقام في مدينة غويانيا، حيث التحق بكلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة غوياس الفدرالية ونال شهادة الفنون ثم تابع تخصصه في الرسم والنحت. قام ببعض الأعمال الفنية، منها: رأس أبي العلاء المعري "لجبران"، رأس مجنون ليلى "لجبران أيضاً"، رأس بتهوفن، وغيرهم وقد نالت أعماله استحساناً كبيراً من النقاد كما من أساتذة الجامعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق