افرزت جريدة " السفير" في عددها تاريخ 28/04/2011 صفحة كاملة عن السلفيين والحركات الاسلامية.
للاطلاع، ننشر من المعلومات الغنية الواردة، المقاطع التالية:
ابـرز الحـركات الاسـلامية فـي مصر:
الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة أسسها الشيخ محمود خطاب السبكي في نهاية القرن التاسع عشر، وكان من علماء المذهب المالكي في الأزهر، وقد سجلها رسمياً بعد صدور قانون الجمعيات في العام 1913، وما زالت تعمل حتى اليوم، ولها فروع كثيرة في كل محافظات مصر، وعادة ما يقودها علماء من الأزهر. جماعة أنصار السنة المحمدية هي فصيل من الحركة الإسلامية حادّ جداً في موقفه من الصوفية. أسسها الشيخ محمد حامد الفقي في العام 1926، وهي تعمل بنشاط حتى الآن. وتركّز الجمعية في خطابها على محاربة «بدع» المساجد والأضرحة والصوفية. كما أن مسألة وجوب الحكم بالشريعة حاضرة في أدبياتها. جماعة التبليغ والدعوة تعتبر أحد الفصائل المهمة في «الحركة الإسلامية التقليدية» في مصر، وتلي السلفية التقليدية من حيث الأهمية والعدد. دخلت هذه الجماعة مصر في منتصف السبعينيات قادمة من الهند، علماً بأن مؤسسها الهندي هو من مشايخ الصوفية هناك. الإخوان المسلمون تعتبر أقدم فصائل الحركة الإسلامية الحديثة. أنشأها الشيخ حسن البنا عام 1928، في محاولة للجمع بين مختلف التيارات الفكرية الإسلامية في جماعته، كي يوحّد صفوف المسلمين في مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجههم فأعلن «نحن دعوة سلفية وحقيقة صوفية»، ولكنه شدّد على أن الصوفية وسيلة وليست غاية وأنها منهج تربوي وليست دروشة. جماعة شباب محمد تعتبر الجماعة التالية لحركة الإخوان المسلمين من حيث تاريخ النشأة. أسستها مجموعة من قادة وشباب الإخوان الذين انشقوا عن الجماعة عام 1939، حددوا خلافهم مع الإخوان في عدة نقاط أبرزها عدم أخذ قيادة الإخوان بمبدأ الشورى في إتخاذ القرار، وعملهم تحت لواء الحاكمين «بغير ما أنزل الله». القطبيون تأسست جماعة القطبيين في السجن بعد انتهاء محاكمات قضية تنظيم سيد قطب عام 1965. و قد تكونت من مجموعة صغيرة من قادة و أعضاء الإخوان على رأسهم محمد قطب، شقيق سيد قطب، وقد اختلفت مع الإخوان في عدة قضايا و أهمها استراتيجية العمل الإسلامي. جماعة الجهاد الإسلامي تأسست الخلايا الأولى لتنظيم الجهاد المصري في العام 1966، وكان أبرز مؤسسيها علوي مصطفى وإسماعيل طنطاوي ونبيل البرعي. وكان من بين أعضاء هذا التنظيم أيمن الظواهري ومصطفى يسري وحسن الهلاوي. اختار التنظيم مبدئيا أسلوب الإنقلاب العسكرى لتحقيق هذا التغيير. حدثت انشقاقات عديدة في صفوف الجهاد، حيث نشأ «تنظيم يحيى هاشم» بعد هزيمة العام 1967، و«جناح علوي مصطفى» بعد حرب العام 1973، فضلاً عن استقلال «مجموعة الجيزة» بزعامة مصطفى يسري. وقد شهد عام 1980 أحداثا مهمة في تاريخ تيار الجهاد في مصر أبرزها نجاح المهندس محمد عبدالسلام في تجنيد مقدم الاستخبارات الحربية عبود الزمر، وقراره اغتيال السادات عبر ضابط تابع له (خالد الإسلامبولي). وابتداء من العام 1999، بدأ العديد من قادة جماعة الجهاد في السجون المصرية إجراء ما سمي ب«مراجعات الجهاد»، التي خلصت إلى ضرورة وقف العمليات العسكرية والكف عن السعي لقلب النظام. جماعة التكفير و الهجرة أسسها شكري مصطفى في بداية السبعينات تحت اسم «جماعة المسلمين». وترتكز المنظومة الفكرية للجماعة على عدة أسس، من بنيها اعتبار أن الألفاظ المعبرة عن سائر المعاصي تعني كلها معنى واحد هو الكفر المخرج عن الملة، واعتبار أن الهجرة من دار الكفر (أي دولة لا تحكم بالشريعة) هي واجب شرعي حتمي، والحكم بكفر من يتحاكم للقانون الوضعي. السلفية برز التيار السلفي بشكله الحالي في منتصف السبعينات. لا تجمع السلفيين منظمة محددة، فهم يلتفون حول عدد من المشايخ ويتتلمذون عليهم. بعضهم لا يشتغل بالسياسة، ولا يتكلم فيها إلا تحت ضغوط الأتباع المقربين جدا، وذلك في جلسات سرية. وتتلخص رؤية هذا الفصيل للتغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تفسيرهم الخاص لآية «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». وهناك فصيل آخر من السلفيين، نشأ في منتصف السبعينات على أيدي مجموعة من قادة الحركة الطلابية الإسلامية في عدد من جامعات مصر، ويطلق عليه اسم «السلفية العلمية»، وهو يدعو إلى الالتزام بتعاليم الإسلام وفقا لمنهج السلف الصالح، لكنهم أكثر حرفية والتزاما بذلك واقل اجتهادا وتجديدا فيه، ويفرق بينهم وبين الإخوان المسلمين، رفضهم للتصوف وآراء الأشاعرة والمعتزلة و الشيعة، ورفضهم للعمل الحزبي والدخول في انتخابات مجلسي الشعب والشورى، فيما يفرقهم عن الجهاد رفضهم للعمل المسلح والتنظيمات السرية. وهناك أيضاً «السلفية الحركية»، التي لا تختلف عن «السلفية العلمية» إلا في «الإعلان عن كفر الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة الإسلامية»، بالإضافة إلى «السلفية الجهادية»، التي يعتبر فكرها أقرب إلى تنظيم «القاعدة». الجماعة الإسلامية تكونت كحركة طلابية في منتصف السبعينات داخل جامعة أسيوط. اشتهرت باستعمال القوة لتغيير ما اعتبرته من المنكرات المخالفة لتعاليم الإسلام في المجتمع. كما شنت هجمات مسلحة ضد قوات الأمن والسياح الأجانب، فضلاً عن عمليات اغتيال استهدفت مسؤولين، كما حاولت اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا. حزب التحرير تأسس في العام 1909 على يد تقي الدين إبراهيم النبهاني، وهو من قرية إجزم في فلسطين. يربط الحزب كل شيء بقيام دولة الخلافة، ولا يرى مجالا للعمل الاسلامي الشامل إلا من خلالها. ظهر الحزب في مصر في العام 1984 عندما أعلنت أجهزة الأمن تقديم 32 شخصا من المنتمين إليه للتحقيق بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
*
السـلفـيون والـثـورة:
انقسم السلفيون في مصر خلال «ثورة 25 يناير» بين مؤيد ومعارض وصامت وذي موقف ملتبس. 1ـ موقف المؤيدين: لعل أهم المدارس السلفية التي أيدت «ثورة 25 يناير» منذ بدايتها، هي المجموعات السلفية في القاهرة، والتي اصطلح على تسميتها السلفية الجهادية، والتي لم تكتف بالتأييد فحسب، بل شارك العديد من رموزها في تظاهرات ميدان التحرير، مثل الشيخ محمد عبد المقصود، والشيخ نشأت أحمد، والشيخ فوزي السعيد. كذلك جاءت مشاركة مجموعات سلفية أخرى في عدة محافظات في مرحلة أكثر تطورا من ناحية العمل السياسي، فخرجت في تظاهرات مستقلة تسير في الشوارع مرددة نفس شعارات إسقاط النظام، وانضمت إلى مجموعات المعارضة الأخرى وشاركت بعض قياداتها في اجتماع رموز القوى الوطنية في تلك المحافظات ونسقت حركتها معها. ويمكن إدخال الداعية الشهير الشيخ محمد حسان في صف الدعاة السلفيين المؤيدين في الثورة، وإن كانت مواقفه قد تبلبلت في البداية عندما حاول إمساك العصا من المنتصف، ثم دشن عدد من علماء الأزهر، وعلى رأسهم مفتي مصر الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، «الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات المشروعة» التي أصدرت العديد من البيانات المؤيدة لمطالب شباب الثورة. 2- مواقف معارضة للثورة: لعل أبرز وأهم الدعاة غير المؤيدين لـ«ثورة 25 يناير» الشيخ محمود المصري والذي حاول مخاطبة جموع الثوار في ميدان التحرير محاولاً حثهم على العودة إلى ديارهم وترك الاعتصام لكنه طرد من ساحة الميدان، وكذلك الشيخ مصطفى العدوي، الذي تحدث بدوره في مداخلة للتلفزيون المصري رافضاً ما يحدث من ثورة، والشيخ محمد حسين يعقوب الذي رفض الثورة ووصفها بالفتن المتلاطمة. 3- مواقف ملتبسة: أبرز هذه المدارس الدعوة السلفية في الاسكندرية، والتي تمثل أكبر تكتل سلفي في مصر، والتي جاء رفضها لثورة 25 يناير من خلال فتوى للدكتور ياسر برهامي جاء فيها «انطلاقاً مِن تمسكنا بديننا وشعورنا بالمسؤولية تجاه بلادنا وحرصاً على مصلحتها، وتقديما وتغليباً لأمن العباد والبلاد في هذه الفترة العصيبة... نرى عدم المشاركة في تظاهرات الخامس والعشرين من يناير». لكن برهامي عاد وأشار، في مداخلة تلفزيونية، إلى أن رأيه بشأن عدم تأييد هذه الثورة صواب يحتمل الخطأ، ولكنه شدد أن رأي غيره من الرموز المؤيدة لهذه الثورة خطأ يحتمل الصواب، ومن ثم فلا بأس من الترحم على ضحايا هذه الثورة واعتبارهم من الشهداء لحسن نيتهم واتباعهم لفتوى علماء معتمدين. 4- مواقف الصامتين: يأتي موقف الشيخ أبو إسحاق الحويني على رأس هذا الجانب، فالرجل أغلق هواتفه، ولم يحدّث موقعه الإلكتروني، و لم يفهم حتى الآن موقفه، و لكنه فسر بأنه صمت وإعراض عن التعرض للموقف.
لمن يرغب، الدخول الى الرابط التالي: http://www.assafir.com/WeeklyChannel.aspx?EditionId=1833&ChannelId=10415
*
من جهة ثانية ننشر عن موضوع " حزب التحرير" التعريف التالي عنه، لفائدة الاطلاع.
حـــزب التحـريـــر
تـأسـس سـنة 1372هـ - 1953م
أسباب قيام حزب التحرير
إن قيام حزب التحرير كان استجابة لقوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} . بغية إنهاض الأمة الإسلامية من الانحدار الشديد، الذي وصلت إليه وتحريرها من أفكار الكفر وأنظمته وأحكامه، ومن سيطرة الدول الكافرة ونفوذها. وبغية العمل لإعادة دولة الخلافة الإسلامية إلى الوجود، حتى يعود الحكم بما أنزل الله.
غاية حزب التحرير
هي استئناف الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم. وهذه الغاية تعني إعادة المسلمين إلى العيش عيشاً إسلامياً في دار إسلام، وفي مجتمع إسلامي، بحيث تكون جميع شؤون الحياة فيه مسيره وفق الأحكام الشرعية، وتكون وجهة النظر فيه هي الحلال والحرام في ظل دولة إسلامية، التي هي دولة الخلافة، والتي ينصب المسلمون فيها خليفة يبايعونه على السمع والطاعة على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وعلى أن يحمل الإسلام رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد.والحزب يهدف إلى إنهاض الأمة النهضة الصحيحة، بالفكر المستنير، ويسعى إلى أن يعيدها إلى سابق عزّها ومجدها، بحيث تنتزع زمام المبادرة من الدول والأمم والشعوب، وتعود الدولة الأولى في العالم، كما كانت في السابق، تسوسه وفق أحكام الإسلام.كما يهدف إلى هداية البشرية، وإلى قيادة الأمة للصراع مع الكفر وأنظمته وأفكاره، حتى يعم الإسلام الأرض.
العضوية في حزب التحرير
يضم الحزب إلى عضويته الرجال والنساء من المسلمين، بقطع النظر عن كونهم عرباً أم غير عرب بيضاً أم سوداً، فهو حزب لجميع المسلمين، ويدعو جميع المسلمين لحمل الإسلام وتبني أنظمته بقطع النظر عن قومياتهم وألوانهم ومذاهبهم، إذ ينظر إلى الجميع نظرة الإسلام.وطريقة ربط الأشخاص فيه تكون باعتناق العقيدة الإسلامية، والنضج في الثقافة الحزبية، وتبني أفكار الحزب وآرائه، والشخص نفسه هو الذي يفرض نفسه على الحزب، حين ينصهر فيه، وحين تتفاعل الدعوة معه، ويتبنى أفكاره ومفاهيمه، فالرابط الذي يربط بين أفراد الحزب هو العقيدة الإسلامية والثقافة الحزبية المنبثقة عن هذه العقيدة. وحلقات النساء فيه مفصولة عن حلقات الرجال، ويشرف على حلقات النساء الأزواج، أو المحارم، أو النساء.
عمل حزب التحرير
عمل حزب التحرير هو حمل الدعوة الإسلامية، لتغيير واقع المجتمع الفاسد وتحويله إلى مجتمع إسلامي، بتغيير الأفكار الموجودة فيه إلى أفكار إسلامية، حتى تصبح رأياً عاماً عند الناس ومفاهيمهم تدفعهم لتطبيقها والعمل بمقتضاها، وتغيير المشاعر فيه حتى تصبح مشاعر إسلامية ترضى لما يرضي الله وتثور وتغضب لما يغضب الله، وتغيير العلاقات فيه حتى تصبح علاقات إسلامية تسير وفق أحكام الإسلام ومعالجاته.وهذه الأعمال التي يقوم بها الحزب هي أعمال سياسية، إذ الحزب يرعى فيها شؤون الناس وفق الأحكام والمعالجات الشرعية، لأن السياسة هي رعاية شؤون الناس بأحكام الإسلام ومعالجاته.ويبرز في هذه الأعمال السياسية تثقيف الأمة بالثقافة الإسلامية لصهرها بالإسلام، وتخليصها من العقائد الفاسدة والأفكار الخاطئة، والمفاهيم المغلوطة، ومن التأثر بأفكار الكفر وآرائه.كما يبرز في هذه الأعمال السياسية، الصراع الفكري والكفاح السياسي.أما الصراع الفكري فيتجلى في صراع أفكار الكفر وأنظمته، كما يتجلى في صراع الأفكار الخاطئة والعقائد الفاسدة والمفاهيم المغلوطة، ببيان فسادها، وإظهار خطئها، وبيان حكم الإسلام فيها.أما الكفاح السياسي فيتجلى في مصارعة الكفار المستعمرين، لتخليص الأمة من سيطرتهم وتحريرها من نفوذهم، واجتثاث جذورهم الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية، والعسكرية وغيرها من سائر بلاد المسلمين.كما يتجلى في مقارعة الحكام، وكشف خياناتهم للأمة، ومؤامراتهم عليها، ومحاسبتهم والتغيير عليهم إذا هضموا حقوقها، أو قصروا في أداء واجباتهم نحوها، أو أهملوا شأناً من شؤونها، أو خالفوا أحكام الإسلام.فعمل الحزب كله عمل سياسي، سواء كان خارج الحكم أم كان في الحكم، وليس عمله تعليمياً فهو ليس مدرسة، كما أن عمله ليس وعظاً وإرشاداً، بل عمله سياسي تعطى فيه أفكار الإسلام وأحكامه ليعمل بها ولتحمل لإيجادها في واقع الحياة والدولة.والحزب يحمل الإسلام ليصبح هو المطبق، وتصبح عقيدته هي أصل الدولة، وأصل الدستور والقوانين فيها. لأن عقيدة الإسلام هي عقيدة عقلية، وهي عقيدة سياسية انبثق عنها نظام يعالج مشاكل الإنسان جميعها سياسية كانت أم اقتصادية، ثقافية أم اجتماعية، أم غيرها.
مكان عمل حزب التحرير
مع أن الإسلام مبدأ عالمي، إلا أنه ليس من طريقته أن يعمل له من البدء بشكل عالمي، بل لا بد أن يدعى له عالمياً، وأن يجعل مجال العمل له في قطر، أو أقطار حتى يتمركز فيها فتقوم الدولة الإسلامية.إن العالم كله مكان صالح للدعوة الإسلامية، غير انه لما كانت البلاد الإسلامية يدين أهلها بالإسلام كان لا بد أن تبدأ الدعوة فيها، ولما كانت البلاد العربية، التي هي جزء من البلاد الإسلامية تتكلم اللغة العربية، التي هي لغة القرآن والحديث، والتي هي جزء جوهري من الإسلام وعنصر أساسي من عناصر الثقافة الإسلامية كانت أولى البلاد بالبدء في حمل هذه الدعوة هي البلاد العربية.وقد كان بدء نشوء الحزب، وحمله الدعوة في بعض البلاد العربية، ثم أخذ يتوسع في حمله للدعوة توسعاً طبيعياً، حتى أصبح يعمل في كثير من الأقطار العربية، وفي بعض الأقطار الإسلامية غير العربية.
طريقة حزب التحرير
- طريقة السير في حمل الدعوة هي أحكام شرعية، تؤخذ من طريقة سير الرسول صلى الله عليه وسلم في حمله الدعوة لأنه واجب الاتباع، لقوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}، ولقوله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}، وقوله{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. وكثير غيرها من الآيات الدالة على وجوب اتباع الرسول والتأسي به والأخذ عنه.- لكون المسلمين اليوم يعيشون في دار كفر، لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله فإن دارهم تشبه مكة حين بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك يجب أن يتخذ الدور المكي في حمل الدعوة هو موضع التأسي.- ومن تتبع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة حتى أقام الدولة في المدينة تبين انه مرّ في مراحل بارزة المعالم، كان يقوم فيها بأعمال معينة بارزة. فأخذ الحزب من ذلك طريقته في السير، ومراحل سيره، والأعمال التي يجب أن يقوم بها في هذه المراحل تأسياً بالأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم في مراحل سيره.- وبناء على ذلك حددّ الحزب طريقة سيرة بثلاث مراحل:الأولى: مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بفكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية.الثانية: مرحلة التفاعل مع الأمة، لتحميلها الإسلام، حتى تتخذه قضية لها، كي تعمل على إيجاده في واقع الحياة.الثالثة: مرحلة استلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقاً عاماً شاملاً، وحمله رسالة إلى العالم.أما المرحلة الأولى فقد ابتدأ فيها الحزب في القدس عام 1372 هـ - 1953 م على يد مؤسّسه العالم الجليل، والمفكر الكبير، والسياسي القدير، والقاضي في محكمة الاستئناف في القدس الأستاذ تقي الدين النبهاني عليه رحمة الله، وكان الحزب يقوم فيها بالاتصال بأفراد الأمة، عارضاً عليهم فكرته وطريقته بشكل فردي، ومن كان يستجيب له ينظمه للدراسة المركزة في حلقات الحزب، حتى يصهره بأفكار الإسلام وأحكامه التي تبنّاها، ويصبح شخصية إسلامية، يتفاعل مع الإسلام، ويتمتع بعقلية إسلامية، ونفسية إسلامية، وينطلق إلى حمل الدعوة إلى الناس. فإذا وصل الشخص إلى هذا المستوى، فرض نفسه على الحزب، وضمّه الحزب إلى أعضائه. كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرحلته الأولى من الدعوة، والتي استمرت ثلاث سنين، من دعوته الناس أفرادا، عارضاً عليهم ما أرسله الله به ومن كان يؤمن يكتله معه على أساس هذا الدين سراً، ويحرص على تعليمه الإسلام، وإقرائه ما نزل عليه وينزل من القرآن حتى صهرهم بالإسلام، وكان يلتقي بهم سرّاً ويعلمهم سرّاً في أماكن غير ظاهرة، وكانوا يقومون بعبادتهم وهم مستخفون. ثمّ فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس ودخلوا فيه أرسالاً.وفي هذه المرحلة انصبّت عناية الحزب على بناء جسمه، وتكثير سواده وتثقيف الأفراد في حلقاته، بالثقافة الحزبية المركزة، حتى استطاع أن يكوّن كتلة حزبية من شباب انصهروا بالإسلام، وتبنّوا أفكار الحزب، وتفاعلوا معها وحملوها للناس.وبعد أن استطاع الحزب تكوين هذه الكتلة الحزبية، وأحسّ به المجتمع، وعرفه وعرف أفكاره، وما يدعو إليه، انتقل إلى المرحلة الثانية.- وهي مرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام، وإيجاد الوعي العام، والرأي العام عندها على أفكار الإسلام وأحكامه، التي تبناها الحزب، حتى تتخذها أفكاراً لها، تعمل على إيجادها في واقع الحياة، وتسير مع الحزب في العمل لإقامة دولة الخلافة، ونصب الخليفة، لاستئناف الحياة الإسلامية وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.وفي هذه المرحلة انتقل الحزب إلى مخاطبة الجماهير مخاطبة جماعية. وقد كان يقوم في هذه المرحلة بالأعمال التالية:1 - الثقافة المركزة في الحلقات للأفراد لتنمية جسم الحزب، وتكثير سواده، وإيجاد الشخصيات الإسلامية القادرة على حمل الدعوة، وخوض الغمرات بالصراع الفكري، والكفاح السياسي.2 - الثقافة الجماعية لجماهير الأمة بأفكار الإسلام وأحكامه التي تبناها الحزب، في دروس المساجد والنوادي والمحاضرات وأماكن التجمعات العامة وبالصحف والكتب والنشرات، لإيجاد الوعي العام عند الأمة، والتفاعل معها.3 - الصراع الفكري لعقائد الكفر وأنظمته وأفكاره، وللعقائد الفاسدة، والأفكار الخاطئة، والمفاهيم المغلوطة، ببيان زيفها وخطئها ومناقضتها للإسلام، لتخليص الأمة منها ومن آثارها.4 - الكفاح السياسي، ويتمثل بما يلي:أ - مكافحة الدول الكافرة المستعمرة، التي لها سيطرة ونفوذ على البلاد الإسلامية ومكافحة الاستعمار بجميع أشكاله الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وكشف خططه وفضح مؤامراته لتخليص الأمة من سيطرته، وتحريرها من أي أثر لنفوذه.ب - مقارعة الحكام في البلاد العربية والإسلامية وكشفهم ومحاسبتهم والتغيير عليهم كلما هضموا حقوق الأمة، أو قصّروا في أداء واجباتهم نحوها، أو أهملوا شأناً من شؤونها، وكلما خالفوا أحكام الإسلام. والعمل على إزالة حكمهم لإقامة حكم الإسلام مكانه.5 - تبنّي مصالح الأمة، ورعاية شؤونها وفق أحكام الشرع.وقام الحزب بكل ذلك اتباعاً لما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن نزل عليه قوله تعالى:{ فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين} فانه أظهر أمره، ودعا قريشاً إلى الصفا وأخبرهم أنه نبي مرسل وطلب منهم أن يؤمنوا به، وأخذ يعرض دعوته على الجماعات كما يعرضها على الأفراد، وقد تصدى لقريش وآلهتها وعقائدها وأفكارها فبين زيفها وفسادها وخطأها وعابها وهاجمها كما هاجم كل العقائد والأفكار الموجودة. وكانت الآيات تنزل متلاحقة بذلك وتنزل مهاجمة لما كانوا يقومون به من أكل الربا، ووأد البنات وتطفيف الكيل ومقارفة الزنا، كما كانت تنزل بمهاجمة زعماء قريش وسادتها، وتسفيههم وتسفيه آبائهم وأحلامهم وفضح ما يقومون به من تآمر ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وضد دعوته وأصحابه.وكان الحزب في حمل أفكاره، وفي تصدّيه للأفكار الأخرى، والتكتلات السياسية، وفي تصدّيه لمكافحة الدول الكافرة المستعمرة، وفي مقارعته للحكّام صريحاً سافراً متحدياً، لا يداجي ولا يداهن ولا يجامل ولا يتملق ولا يؤثر السلامة، بغض النظر عن النتائج والأوضاع فكان يتحدى كل من يخالف الإسلام وأحكامه - مما عرّضه للإيذاء الشديد من الحكّام من سجن وتعذيب وتشريد وملاحقة، ومحاربة في رزق، وتعطيل مصالح، ومنع من سفر، وقتل، فقد قتل منه الحكام الظلمة في العراق وسورية وليبيا العشرات، كما أن سجون الأردن وسورية والعراق ومصر وليبيا وتونس مليئة بشبابه - وذلك إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء برسالة الإسلام إلى العالم أجمع متحدياً سافراً مؤمناً بالحق الذي يدعو إليه يتحدى الدنيا بأكملها، ويعلن الحرب على الأحمر والأسود من الناس دون أن يحسب أي حساب لعادات وتقاليد، أو أديان أو عقائد أو حكّام أو سوقة، ولم يلتفت إلى شيء سوى رسالة الإسلام، فقد بادأ قريشاً بذكر آلهتهم وعابها، وتحداهم في معتقداتهم وسفّهها وهو فرد أعزل لا عدة معه ولا معين، ولا سلاح عنده سوى إيمانه العميق برسالة الإسلام التي أرسل بها.ومع أن الحزب التزم في سيره أن يكون صريحاً وسافراً متحدياً، إلاّ أنه اقتصر على الأعمال السياسية في ذلك، ولم يتجاوزها إلى الأعمال المادية ضد الحكام، أو ضد من يقفون أمام دعوته، إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتصاره في مكة على الدعوة، ولم يقم بأيّة أعمال مادية حتى هاجر، وعندما عرض عليه أهل بيعة العقبة الثانية أن يأذن لهم بمقاتلة أهل منى بالسيوف أجابهم قائلاً: «لم نؤمر بذلك بعد» والله سبحانه قد طلب منه أن يصبر على الإيذاء كما صبر من سبقه من الرسل حيث قال الله تعالى له: {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا}.وعدم استعمال الحزب القوة المادية للدفاع عن نفسه، أو ضد الحكّام، لا علاقة له بموضوع الجهاد، فالجهاد ماض إلى يوم القيامة فإذا ما هاجم الأعداء الكفار بلداً إسلامياً وجب على المسلمين من أهله ردهم، وشباب حزب التحرير في ذلك البلد جزء من المسلمين يجب عليهم ما يجب على المسلمين من قتال العدو وردّه بوصفهم مسلمين. وإذا ما وجد وقام أمير مسلم بالجهاد لإعلاء كلمة الله واستنفر الناس فإن شباب حزب التحرير يلبون بوصفهم مسلمين في ذلك البلد الذي حصل فيه الاستنفار.- ولما تجمّد المجتمع أمام الحزب من جراء فقد الأمة ثقتها بقادتها وزعمائها الذين كانوا موضع أملها، ومن جرّاء الظروف الصعبة التي وضعت فيها المنطقة لتمرير المخططات التآمرية، ومن جرّاء التسلط والقهر الذي يمارسه الحكام ضد شعوبهم، ومن جرّاء شدة الأذى الذي يوقعه الحكام بالحزب وشبابه، لما تجمد من جراء كل ذلك قام الحزب بطلب النصرة من القادرين عليها. وقد طلبها لغرضين:الأول: لغرض الحماية حتى يستطيع أن يسير في حمل دعوته وهو آمن.الثاني: الإيصال إلى الحكم لإقامة الخلافة وتطبيق الإسلام.ومع قيام الحزب بأعمال النصرة هذه فإنه قد استمر في القيام بجميع الأعمال التي كان يقوم بها، من دراسة مركزة في الحلقات، ومن ثقافة جماعية، ومن تركيز على الأمة لتحميلها الإسلام، وإيجاد الرأي العام عندها ومن مكافحة الدول الكافرة المستعمرة وكشف خططها، وفضح مؤامراتها، ومن مقارعة الحكّام، ومن تبنّ لمصالح الأمة ورعاية لشؤونها.وهو مستمر في كل ذلك آملاً من الله أن يحقّق له وللأمة الإسلامية الفوز والنجاح والنصر، وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
الجمعة، 6 مايو 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق