الأربعاء، 21 أبريل 2010

الرفيـق فكـتـور حنـا أسـعد : أحـد الرفقـاء الأوائـل

في 02/04/2010 عممنا نشـيد " يا بلادي انهضي يا بلادي " من شـعر الرفيق فكتور اسـعد حنا، وأوردنا في ختامه اننا سـنعمم لاحقاً النبذة التي كان اعدها الامين لبيب ناصيف عن الرفيق المذكور.

تلك النبذة تلقي ضوءاً على جزء من التاريـخ الغني للرفيق فكتور. من يملك اية معلومات اضافيـة عنه، نأمل تزويدنا بهـا.

الرفيق فكتور أسـعد الذي كان له دوره المميز على صعيد النضـال القومي الاجتماعي، فقد سـجن ولوحق وتولى المسـؤوليات العديدة، منها مسـؤولية منفذ عام بيروت، انتمى الى الحزب عبر صداقته بكل من الرفيقين فؤاد حداد وايليا ربيز وكانوا يشـكلون " ثالوثاً رياضياً " في منطقة رأس بيروت. يشرح الرفيق فكتور كيف تعرف الى سعاده فانتمى، في عدد أول آذار من مجلة المعرض عام 1938، فيفيد أنه تعرف الى سعاده لأول مرة في حفلة موسيقية في الجامعة الأمركية " عرفتني به آنسـة كنت أرافقها، وهي من الشـوير، قالت : " أنه قدم حديثاً من البرازيل، انه عالم وبحاثة ويتقن عدة لغات " .

بعد ذلك، وفي مطعم حداد، وبواسـطة الرفيق فؤاد حداد اجتمع بسـعاده. كان موضوع الحديث في البدء عن حاجتنا الى روايات تمثيلية عصرية، الا أن سـعاده راح يتكلم عن الفنون عموماً.

يقول الرفيق فيكتور: " كنت أصغي اليه بجميع حواسـي وقد أعجبني اسـتعماله لفظة " قومي " بدل " وطني ". كان منطلقاً في حديثه لكن دونما اسـتعجال ومتأنياً لكن دونما تردد. أما عباراته فكانت قوية وسليمة، لا حشـو فيها ولا تكرار. خيل إليّ أنني أسـتمع الى مقدمة لكتاب عن الدراما في سـورية مكتوبة بلغة عامية عالية. وأنهى حديثه كما بدأه بسهولة، يندر أن نجدها حتى في المحاضرات المحضرة سلفاً ".

تكررت لقاءات فكتور أسـعد بالزعيم، احداها بدأت في منزل فؤاد حداد وانتهت على طريق " المنارة " واسـتمرت خمـس سـاعات متواليـة، " في هذه السـاعات الخمـس انكشـفت لي آفـاق، وجدت نفسـي وعرفت واجباتي الكبرى، عـرفت أننـي وجـدت زعيـم أمتي الذي ننتظره منـذ عشـرات من أجيال الذل والظلم والاسـتبداد ".

حضر جلسـة قسـم الرفيق فكتور الأعضاء : رجا خولي، بهيج مقدسي، سـامي قربان، فؤاد حداد، أنيـس صوايا. وقد انتمى مع الرفيق فكتـور، الرفيق عمر اللبـان ورفيق آخر لا يزال سـرياً ( كما يفيد الأمين جبران جريج في الجزء الأول من مجلده " من الجعبة " ) .

في صيـف العام 1934 كان الرفيق فكتور أسـعد يصطـاف في ضهور الشـوير الى جانـب سـعاده الذي كـان يصطاف بدوره في العرزال. في ذلك الصيف قام الرفيق فكتور بمهمـة الناموس لسـعاده، " كانت أفضل متعة لدي هي مراقبته في العمل، والاسـتماع الى تعليماته و تعليقاته في كل نواحي الحياة، كان يسخّر كل شيء بين يديه لخدمة القضية، وكنت أنا أحد هذه الأشـياء، فلم يكن يوفرني في أمر بل يطلب مني مجهوداً هائلاً وانصرافاً كلياً للعمل ليل نهار، وكنت أتوق الى كلمة واحدة يبدي فيها تقديره لشـيء حسـن فعلته فلا أظفر إلا بمزيد من الواجبات والمهمات التي كانت بحد ذاتها ثناء غير مباشـر و ثقة تزيد رغبتي اضطراماً ".

في ختام السـنة الحزبية الثانية (1933- 1934) تولّى الرفيق فكتور أسـعد مهام منفذية بيروت، فيكون بذلك أول منفذ عام لها، عاونه في ذلك الرفقاء فؤاد خوري ( طرد لاحقاً ) فؤاد حداد، وجورج حنكـش (من رومية، وأحد المناضلين القوميين الاجتماعيين) .

الى مسـؤوليته كمنفذ عام بيروت كلف الرفيق فكتور أسـعد بالاشـراف على عمليات الادخال، ثم عين وكيلاً لعميد المالية بعد أن كان اسـتقال من منفذية بيروت وتعين لهـا الرفيـق المهندس عزيز ثابت، ثم تولى مسـؤولية ضابط الاتصـال بيـن مديرية جل الديب التي كانت أنشـئت، ومنفذيـة بيروت .

في مقال له في " البناء " عدد أول آذار عام 1956 يقول الرفيق فكتور : " في ذلك الصيـف ( لم يورد العام، نرجح انه العام 1934 ) تأسـس فرعان جديدان أحدهمـا في بيت مري والآخر في زرعون واشـترينا أول آلة ناسـخة للحزب من شـيخ درزي كان يسـتعملها لنسـخ الكتب الدينية ولم تكن لدينا آلة كاتبة، فكنت أكتـب التعاميم الأولى كلها بيدي على الورق الناسـخ وأتعاون على طبعها مع فؤاد خوري. على هذه الآلة الناسـخة الأولى طبع الخطاب المشـهور في أول حزيران 1935 ".

عند انكشـاف أمر الحزب كان الرفيق فكتور أسـعد من بين الرفقاء الذين داهم رجال الأمن منازلهم في الصباح الباكر وسـيقوا الى مكتب الأمن العام الفرنسـي.

يقول الرفيق فكتور: كنا ثمانية في اليوم الأول، بعد تحقيق اسـتمر الى المسـاء نقلنا الى سـجن الرمل و كـانت معنوياتنا ممتازة وجو المرح سائداً بيننا. لم يصل لنا إلا فراشان، لأن باب السجن أغلق في المساء دون وصول أمتعتنا، فنام الزعيم ونعمة ثابت و زكي نقاش و عبد الله قبرصي على فراش واحد ونمت مع مأمون أياس و فؤاد خوري على الفراش الآخر.

لم يمنع السـجن من أن يحتفـل الزعيم للمرة الأولى بالذكرى السـنوية لوضع الدسـتور - 21 تشـرين الثـاني 1934- فلم يشـأ أن تمر هذه المناسـبة دون تكريسـها رسـمياً، يقول الرفيق فكتور أسـعد: " بعد خمسـة أيام احتفلنا في القاووش بعيد الدسـتور في 21 نوفمبر، وكان قد تمّ الاتصال المنظم بيننا وبين الخارج، و انضم إلينا عدد جديد من المعتقلين " .

وفي ما خص كتـاب " نشـوء الأمم " الذي انصرف سـعاده الى كتابته في سـجنه الأول يقول الرفيق فكتـور أسـعد :

" بعد المحاكمـة انصرف الزعيم الى إكمال كتاب نشـوء الأمم الذي بدأ بإعداده قبل عدة سـنوات وكانت الدروس المؤيدة للنظريات الجديدة الواردة فيه مدونة بشـكل منظم في بطاقات صغيرة مع الاشـارة الى مراجعها، ولعل تلك البطاقات كانت أغرب مجموعة من نوعها في العالم لأنها كانـت مأخـوذة من المراجـع العلميـة بلغاتها الأصلية.

فالزعيـم كان يتقن عدا العربيـة، الألمانية والروسـية والانكليزية والبورتغاليـة، اتقاناً تاماً، ويحسـن الى جانبها الفرنسية والايطـالية والاسـبانيـة. شـاهدته مـرة يقـرأ بشـغف كتاباً المانياً فسـألته عن موضوعه فإذا به الانتروبولوجيا " علم جاف في لغة أجف " يتعلق بقياسـات الرؤوس ومدلولها السـلالي، كان ذلك قبل كتابة نشـوء الأمم بثلاث سـنوات، كان عمره آنذاك 28 عاماً.

في تموز 1936 أوقف الرفيق فكتور أسـعد على ذمة التحقيق مع رفقاء آخرين حول مسـألة تأديب الصحافي البذيء عارف الغريب الذي نفذها رفقاء من منفذية بيروت، بإيعاز من المنفذ العام الرفيق " الشيخ " عبد الله الجميل.

عن نشـيد الحزب الرسـمي يقول الرفيق فكتور أسـعد: " في هذه الحقبة اعتقل الزعيم الاعتقال الثاني ووضع كل مدة سـجنه في الانفراد، وفي أحد الأيام كان ماراً في رواق السـجن فرمى الى قاووشـنا بورقـة صغيرة ملفوفة تلقفناها و إذا بها شـعر جميل نظمه الزعيم في الانفراد و في اسـفله يعلمنا أنه نشـيد يمكن إنشـاده على نظم الفولغا المشـهور. كنا سـتة قومييـن في ذلك القاووش المزدحم وعلمنا من الحارس موعد خروجه الى الباحة في اليوم التالي، فدرسـنا لحن النشـيد جيداً وأنشـدناه تحية له عند مروره ولم نسـكت رغم تهديد الحراس، فحكم علينا كلنا بالانفراد عدة أيام ومنعنا من مواجهة أهلنا في يوم المواجهة التالي ".

عنـدما نظمـت قيادة الحزب خارج السـجن مظاهرة أمام سـجن الرمل احتجاجاً على اسـتمرار اعتقال سـعاده ( الأسـر الثاني )، كان الرفيق فكتور أسـعد من قادة هذه المظاهرة، وقد أدى ذلك الى اعتقاله والى صدور الحكم عليه في 19/11/1936 بالسـجن سـتة أشـهر. و كان قبل ذلك، في 10/11/1936 حكم بالسـجن لمدة شـهرين في موضوع الاعتداء على الصحافي عارف الغـريب.

واسـتمر الرفيق فكتور حنا أسـعد عاملاً في الحزب، تولى مسـؤولية منفذ عام بيروت مرة ثانية في أواسـط الخمسـينات، وكتب أكثر من مرة في أعداد ممتازة لمجلات الحزب، صدرت في مناسـبة الأول من آذار ضمّنها ذكرياته الحزبية ومرويـاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق